ولو أبرَأَ رَبُّ الدَّينِ المَدينَ من دِرهمٍ إلى ألفٍ صَحَّ الإِبراءُ في الألفِ وفيما دونَه.
ولا يَصحُّ الإِبراءُ من الدَّينِ قبلَ وُجوبِه.
ومِن صُورِ الإِبراءِ من المَجهولِ لو كانَ له على إِنسانٍ دَينانِ وأبرَأَه من أحدِهما لا بعَينِه، أو كانَ له دَينانِ على شَخصَينِ وأبرَأَ أحدُهما لا بعَينِه صَحَّ ويَرجعُ إلى المُبرئِ في البَيانِ، قالَه الحَلوانِيُّ والحارثيُّ.
والمَذهبُ: لا يَصحُّ الإِبراءُ مع إبهامِ المَحلِّ، ك «أبرَأتُ أحدَ غَريمَيَّ أو من أحدِ دَينَيَّ»، كما لو قالَ:«وهَبتُ أحَدَ هذَين العَبدَينِ أو ضمِنتُ لك أحدَ الدَّينَينِ»(١).
وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا تَصحُّ البَراءةُ من المَجهولِ مُطلقًا، سَواءٌ كانَ يَقدِرُ على مَعرفتِه أو لا يَقدِرُ، كما لو كتَمَه المُبرأُ خَوفًا من أنَّه لو علِمَه المُبرئُ لم يُبرئْه، ولأنَّه إِزالةُ مِلكٍ لم يَصحَّ مع الجَهلِ به كالهِبةِ.
قالَ الشافِعيةُ: الإِبراءُ من العَينِ باطِلٌ جَزمًا، وكذا من الدَّينِ المَجهولِ جِنسًا أو قَدرًا أو صِفةً باطِلٌ في الجَديدِ؛ لأنَّ البَراءةَ مُتوقِّفةٌ على الرِّضا، ولا يُعقَلُ مع الجَهالةِ، ولأنَّه إزالةُ مِلكٍ لم يَصحَّ مع الجَهلِ به كالهِبةِ.
(١) «المغني» (٥/ ٣٨٥)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٥٦)، و «المبدع» (٥/ ٣٦٥)، و «الإنصاف» (٧/ ١٢٧، ١٢٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٩٣).