للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحلُّ القَولينِ إذا قصَدَ التَّملكَ ووصَلَ إلى النَّيلِ، فإذا لَم يَقصِدِ التَّملكَ بل قصَدَ الأَخذَ والانصِرافَ فلا يَملكُه قولًا واحدًا، وأما قبلَ الوُصولِ إلى النيلِ فهو كالمُتحجِّرِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: المَعادنُ الظاهِرةُ: وهي التي يُوصَلُ إلى ما فيها مِنْ غيرِ مَؤنةٍ يَنتابُها الناسُ ويَنتفِعونَ بها كالمِلحِ والماءِ والكِبريتِ والقيرِ والمُومياءِ والنّفطِ والكُحلِ والبرامِ والياقوتِ ومَقاطعِ الطينِ وأَشباهِ ذلك، فلا تُملَكُ بالإِحياءِ ولا يَجوزُ إِقطاعُها لأحدٍ مِنْ الناسِ ولا احتجازُها دونَ المُسلِمينَ؛ لأنَّ فيه ضَررًا بالمُسلِمينَ وتَضييقًا عليهم؛ لأنَّ هذا تتعلَّقُ به مصالحُ المُسلِمينَ العامَّةِ فلم يَجزْ إِحياؤُه ولا إِقطاعُه كمَشارعِ الماءِ وطُرقاتِ المُسلِمينَ.

وقالَ ابنُ عقيلٍ: هذا مِنْ موادِّ اللهِ الكريمِ وفيضِ جودِه الذي لا غناءَ عنه، فلو ملكَه أحدٌ بالاحتجازِ ملكَ منعَه، فضاقَ على الناسِ، فإنْ أخذَ العوضَ عنه أغلاه فخرجَ عن الموضعِ الذي وضعَه اللهُ مِنْ تعميمِ ذوي الحوائجِ مِنْ غيرِ كلفةٍ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا مذهبُ الشافِعيِّ ولا أعلمُ فيه مخالفًا (٢).


(١) «البيان» (٧/ ٤٨٦، ٤٨٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١١٩، ١٢٢)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٣١، ٢٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٣٦، ٤٤٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٤٤، ٤٤٦)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٢١، ٤٢٥).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>