للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجزْ أنْ يُملَكَ بالإِحياءِ، وهذا الحَديثُ مُقيِّدٌ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً فهي له».

ولما رَواه البُخاريُّ عن عُروةَ، عن عائِشةَ ، عن النَّبيِّ قالَ: «مَنْ أَعمرَ أرضًا ليسَت لأحدٍ فهو أحقُّ بها»، قالَ عُروةُ: «قَضى به عُمرُ في خِلافتِه ورَأى ذلك عَليٌّ في أرضِ الخرابِ بالكوفةِ مَواتٌ» (١).

وفي رِوايةٍ عن عُروةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ أَحيا أرضًا مَواتًا ليسَت لأحدٍ فهي له، ولا حقَّ لعرقٍ ظالمٍ»، قالَ عُروةُ: العرقُ الظالمُ: الرَّجلُ يَعمرُ الأرضَ الخَربةَ وهي للناسِ قد عَجزُوا عنها فتَرَكوها حتى خرِبَت (٢)، ولأنَّها أرضٌ استَقرَّ عليها ملكُ مُسلمٍ فلم يَجزْ أنْ تُملَكَ بالإِحياءِ.

ولأنَّ سائرَ الأَموالِ لا يَزولُ الملكُ عنها بالتَّركِ بدَليلِ سائرِ الأَملاكِ إذا تُركَت حتى تشَعَّثتْ، وما ذَكرُوه يَبطلُ بالمَواتِ إذا أَحياهُ إِنسانٌ ثُم باعَه فتركَه المُشتَري حتى عادَ مَواتًا، وباللُّقَطةِ إذا ملَكَها ثُم ضاعَت منه، ويُخالِفُ ماءَ النهرِ فإنَّه استُهلكَ.

وأما استِدلالُهم بقولِه : «مَنْ أَحيا أرضًا مَواتًا فهي له» فهو دليلٌ عليهم؛ لأنَّ الأولَ قد أَحياها فوجَبَ أنْ يَكونَ أَحقَّ بها مِنْ الناسِ؛ لأَمرينِ:


(١) أخرجه البخاري (٢٢١٠).
(٢) رواه النسائي في «الكبرى» (٥٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>