للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ قبلَ ذلكَ: قالَ الشَّيخُ -ابنُ تَيميةَ-: ومَتى فرَّطَ الناظِرُ سقَطَ ممَّا له -أي: مِنْ المَعلومِ- بقَدرِ ما فوَّتَه على الوَقفِ مِنْ الواجِبِ عليه مِنْ العَملِ، فيُوزَّعُ ما قُدِّرَ له على ما عَمِلَ وعلى ما لَم يَعملْه، ويَسقطُ قِسطُ ما لم يَعملْه.

ويُؤيِّدُه ما ذكَرَه بقَولِه: وفي «الأحكَام السُّلطانيَّة» في العامِلِ يَستحِقُّ ما جُعلَ له إنْ كانَ الجُعلُ مَعلومًا، فإنْ قصَّرَ العامِلُ فترَكَ بَعضَ العملِ لم يَستحِقَّ ما قابَلَ بعضَ العَملِ المَتروكَ، وإنْ كانَ العَملُ قد وُجدَ لكنْ مع جِنايةٍ مِنْ العامِلِ استَحقَّ الجُعلَ؛ لوُجودِ العملِ، ولا يَستحِقُّ الزِّيادةَ على الجُعلِ وإنْ كانَ عَملُه يُساوِي أكثَرَ مِمَّا جُعلَ له؛ لأنَّ الجاعِلَ لم يَلتزمْها، وإنْ كانَ الجُعلُ مَجهولًا ولم يَكنْ مِنْ مالِ كُفَّارٍ فالجِعالةُ فاسِدةٌ، وللعامِلِ أجرةُ مِثلِه، فإنْ كانَ الجُعلُ مُقدَّرًا في الدِّيوانِ وعَمِلَ به -أي: بذلكَ المِقدارِ- جَماعةٌ مِنْ العُمَّالِ فهو أجرَةُ المِثلِ، يَستحقُّه ذلكَ العامِلُ الذي لم يُسَمَّ له شَيءٌ؛ لأنَّ الظاهِرَ مُوافَقتُه للواقِعِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: النَّظرُ في الحَبسِ لمَن جعَلَه إليه مُحبِّسُه، يَجعلُه لمَن يَثقُ به في دِينِه وأمانتِه، فإنْ غَفِلَ المُحبِّسُ عن ذلكَ كانَ النَّظرُ فيهِ للقاضي، يُقدِّمُ له مَنْ يَرتضِيهِ، ويُجعلُ للقائِمِ به مِنْ كِراءِ الوَقفِ ما يَراهُ القاضي سَدادًا على حَسبِ اجتِهادِه (٢).


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٣٢٨)، و «الفروع» (٤/ ٤٥٠).
(٢) «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٩)، و «منح الجليل» (٨/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>