وفي «الفَتاوى»: قَيِّمُ وَقفٍ خافَ مِنْ السُّلطانِ أو مِنْ وارِثٍ يَغلِبُ على أرضِ وَقفٍ: يَبيعُها ويَتصدَّقُ بثَمنِها، وكذا كلُّ قَيِّمٍ إذا خافَ شيئًا مِنْ ذلكَ له أنْ يَبيعَ ويَتصدَّقَ بثَمنِها.
قالَ الصَّدرُ الشَّهيدُ: والفتوَى على أنه لا يَبيعُ (١).
وقالَ الرُّحَيبانِيُّ ﵀: وقالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ: وأمَّا المَسجدُ ونحوُه فليسَ مِلكًا لمُعيَّنٍ باتِّفاقِ المُسلمينَ، وإنَّما هو مِلكٌ للهِ، فإذا جازَ إبدالُه بخَيرٍ منه للمَصلحةِ فالمَوقوفُ على مُعيَّنٍ أَولَى بأنْ يُعوَّضَ بالبَدلِ، وإمَّا أنْ يُباعَ ويُشتَرى بثَمنِه البَدلُ، والإبدالُ بجِنسِه ممَّا هو أنفَعُ للمَوقوفِ عليه، وقالَ: إذا كانَ يَجوزُ في المَسجدِ المَوقوفِ الذي يُوقَفُ للانتِفاعِ بعَينِه -وعَينُه مُحتَرَمةٌ شَرعًا- يَجوزُ أنْ يُبدَلَ به غيرُه للمَصلحةِ لكَونِ البَدَلِ أنفَعَ وأصلَحَ وإنْ لم تَتعطَّلْ مَنفعتُه بالكُليَّةِ، ويَعودُ الأولُ طَلقًا، مع أنه معَ مُتعطِّلٌ نَفعُه بالكُليَّةِ، فلَأنْ يَجوزَ الإبدالُ بالأنفَعِ والأصلَحِ فيما يُوقَفُ للاستِغلالِ أَولى وأَحرى؛ فإنه عند أحمدَ يَجوزُ ما يُوقَفُ للاستِغلالِ للحاجةِ قَولًا واحِدًا، وفي بَيعِ المَسجدِ رِوايتانِ، فإذا جُوِّزَ على ظاهِرِ مَذهبِه أنْ يُجعلَ المَسجدُ طَلقًا ويُوقَفَ بَدلُه أصلَحُ منه وإنْ لم تَتعطَّلْ مَنفعةُ الأوَّلِ أَحرى؛ فإنَّ بَيعَ الوَقفِ المُستغَلِّ أَولى مِنْ بَيعِ المَسجدِ، وإبدالُه أَولى مِنْ إبدالِ المَسجدِ؛ لأنَّ المَسجدَ تُحترمُ عَينُه شَرعًا ويُقصدُ للانتِفاعِ بعَينِه، فلا تَجوزُ إجارَتُه ولا المُعاوَضةُ عن مَنفعتِه، بخِلافِ وَقفِ الاستِغلالِ؛ فإنه تَجوزُ
(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute