للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إبدالُ العَرصةِ بعَرْصةٍ أُخرى فهذا قد نَصَّ أحمدُ وغَيرُه على جَوازِه؛ اتِّباعًا لأصحابِ رَسولِ اللهِ ، حَيثُ فعَلَ ذلكَ عُمرُ واشتَهرَتِ القَضِيةُ ولم تُنكَرْ.

وأمَّا ما وُقفَ للغَلةِ إذا أُبدِلَ بخيرٍ منه، مثلَ أنْ يَقفَ دارًا أو حانوتًا أو بُستانًا أو قَريةً يَكونُ مُغلُّها قَليلًا فيُبدِلُها بما هو أنفَعُ للوَقفِ، فقدْ أجازَ ذلكَ أبو ثَورٍ وغَيرُه مِنْ العُلماءِ مثلَ أبي عُبيدِ ابنِ حَرموَيهِ قاضي مِصرَ وحكَمَ بذلكَ، وهو قِياسُ قَولِ أحمدَ في تَبديلِ المَسجدِ مِنْ عَرصةٍ إلى عَرصةٍ للمَصلحةِ، بل إذا جازَ أنْ يُبدلَ المَسجدَ بما ليس بمَسجِدٍ للمَصلحةِ بحَيثُ يَصيرُ المَسجدُ سُوقًا، فلَأنْ يَجوزَ إبدالُ المُستغَلِّ بمُستغَلٍّ آخَرَ أَولَى وأَحرى، وهو قِياسُ قَولِه في إبدالِ الهَديِ بخيرٍ منه، وقد نَصَّ على أنَّ المَسجدَ اللَّاصِقَ بأرضٍ إذا رَفَعوهُ وبَنَوا تَحتَه سِقايةً واختارَ ذلكَ الجيرانُ فُعلَ ذلكَ، لكنْ مِنْ أصحابِه مَنْ منَعَ إبدالَ المَسجدِ والهَديِ والأرضِ المَوقوفةِ، وهو قَولُ الشافِعيِّ وغَيرِه، لكنَّ النُّصوصَ والآثارَ والقِياسَ تَقتَضي جَوازَ الإبدالِ للمَصلحةِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ ابنُ نُجيمٍ : وفي «الخُلاصَة»: وقد رُويَ عن مُحمدٍ: إذا ضَعُفتِ الأرضُ المَوقوفةُ عن الاستِغلالِ والقَيِّمُ يَجِدُ بثَمنِها أُخرى هي أكثَرُ رَيعًا كانَ له أنْ يَبيعَها ويَشتريَ بثَمنِها ما هو أكثَرُ رَيعًا.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٥٢، ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>