للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو المُختارُ؛ لأنه يَنعدمُ فيهِ التَّأبيدُ، وكذلكَ لو حَبسَ فَرَسًا أو سِلاحًا وجعَلَه وَقفًا عِشرينَ سَنةً ثمَّ هي مَردودةٌ إلى صاحِبِها؛ لِما قُلنَا.

وفي «فتاوَى أبي اللَّيثِ» وفي «سِر العُيونِ»: حَبسَ فَرسًا في سَبيلِ اللهِ عَشرَ سِنينَ ثم هي مَردودةٌ على صاحِبِها فهو باطِلٌ، وعن أبي يُوسفَ ابنِ خالِدٍ السَّمتيِّ أُستاذِ هِلالٍ أنَّ الوَقفَ جائِزٌ والشرطَ باطلٌ، وكذا في الوَقفِ على شَرطِ أنْ يَبيعَه كما قالَ أبو القاسِمِ وأبو نَصرٍ (١).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : لو شرَطَ الواقِفُ الاستِبدالَ لنَفسِه أو لغَيرِه أو لنَفسِه وغَيرِه فالاستِبدالُ فيهِ جائِزٌ على الصَّحيحِ، وقيلَ: اتِّفاقًا (٢).

وذهَبَ الإمامُ مُحمدٌ وأبو يُوسفَ وخالِدٍ السَّمْتِيُّ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَقفَ صَحيحٌ والشَّرطَ باطِلٌ، قالَ في «الإسْعَاف»: وهو القِياسُ (٣).

قالَ شَمسُ الدِّينِ السَّرخسيُّ : وعندَ مُحمدٍ -وهو قَولُ أهلِ البَصرةِ الوَقفُ جائزٌ والشَّرطُ باطِلٌ؛ لأنَّ هذا الشَّرطَ لا يُؤَثِّرُ في المَنعِ مِنْ زَوالِه، والوَقفُ يَتِمُّ بذلكَ ولا يَنعدمُ به مَعنَى التَّأبيدِ في أصلِ الوَقفِ، فيَتِمُّ الوَقفُ بشُروطِه ويَبقَى الاستِبدالُ شَرطًا فاسِدًا، فيَكونُ باطِلًا


(١) «المحيط البرهاني» (٥/ ٧١٦، ٧١٧)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٢٨).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٤).
(٣) «الإسعاف» ص (٣١، ٣٢)، ويُنظَر: «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٢٧، ٢٢٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٣٩، ٢٤٠)، و «الأشباه والنظائر لابن نجيم» ص (١٩٤)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>