وفي مُقابلِ الأصَحِّ عندَ الشافِعيةِ: يَنفسخُ إذا كانَ للزِّيادةِ وَقعٌ والطالِبُ ثِقةٌ؛ لأنه تَبيَّنَ وُقوعُه على خِلافِ الغِبطةِ في المُستقبلِ؛ لأنَّ تَقويمَ المَنافعِ في مُدةٍ مُمتدةٍ إنَّما يَصحُّ إذا استَمرَّتِ الحالُ المَوجودةُ حالةَ التَّقويمِ التي هي حالةُ العَقدِ، وليسَ هذا التَّقويمُ كتَقويمِ السِّلعةِ الحاضِرةِ، وإلى هذا مالَ ابنُ الصَّلاحِ وجَزمَ به الإصطخريُّ.
لكن قالَ الأذرعِيُّ: هذا مُشكِلٌ جِدًّا، والذي يَقعُ في النَّفسِ إنَّما يُنظرُ إلى أُجرةِ المثلِ التي تَنتهي إليها الرَّغباتُ حالَةَ العَقدِ في جَميعِ المُدةِ المَعقودِ عليها، مع قَطعِ النظَرِ عَمَّا عَساهُ يَتجدَّدُ؛ لأنَّ ذلكَ يُؤدِّي إلى سَدِّ بابِ إجارةِ الأوقافِ والزُّهدِ فيها؛ لأنَّ الدُّنيا لا تَبقى على حالةٍ واحِدةٍ.
والثالثُ: إنْ كانَتِ الإجارةُ سَنةً فما دُونَها لم يَتأثَّرِ العَقدُ، وإنْ زادتِ الإِجارَةُ على سَنةٍ فالزِّيادةُ عليها مَردودةٌ، وبه جزَمَ الدَّارميُّ، ووجَّهُوهُ بأنَّ السَّنةَ فيها تَتكامَلُ الفُصولُ وتَتغيَّرُ الأغراضُ.
ومَحلُّ الخِلافِ فيما إذا أجَّرَها الناظِرُ، أمَّا لو أجَّرَها المَوقوفُ عليه بحَقِّ المِلكِ فيَصحُّ قَطعًا ولا يَتأثَّرُ العَقدُ بالزيادةِ بعدَه (١).
(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٦٢)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٦٨، ٢٦٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٣٦).