فعَن الأنصارِيِّ -وكانَ مِنْ أصحابِ زُفرَ- فيمَن وقَفَ الدَّراهِمَ أو الطَّعامَ أو ما يُكالُ أو ما يُوزنُ أيَجوزُ ذلكَ؟ قالَ: نعم، قيلَ: وكيفَ؟ قالَ: يَدفعُ الدَّراهِمَ مُضارَبةً ثمَّ يَتصدَّقُ بفَضلِها في الوَجهِ الذي وُقِفَ عليه (١).
قالَ ابنُ عابدِينَ ﵀: مَطلبٌ في وَقفِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ:
قَولُه:(بَلْ ودَراهِمُ ودَنانيرُ) عَزاهُ في «الخُلاصَة» إلى الأنصارِيِّ -وكانَ مِنْ أصحابِ زُفرَ-، وعَزاهُ في «الخانِيَّة» إلى زُفرَ حيثُ قالَ: وعَن زُفرَ «شَرنَبلاليَّة».
وقالَ المُصنِّفُ في «المِنَح»: ولمَّا جَرَى التَّعاملُ في زَمانِنا في البلادِ الرُّوميةِ وغَيرِها في وَقفِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ دَخَلتْ تحتَ قَولِ مُحمدٍ المُفتَى به في وَقفِ كلِّ مَنقولٍ فيه تَعاملٌ كما لا يَخفَى، فلا يُحتاجُ على هذا إلى تَخصيصِ القَولِ بجَوازِ وَقفِها بمَذهبِ الإمامِ زُفرَ مِنْ رِوايةِ الأنصارِيِّ، واللهُ تعالَى أعلَمُ، وقد أَفتَى مَولانا صاحِبُ «البَحْر» بجَوازِ وَقفِها ولمْ يَحْكِ خِلافًا. انتهى ما في «المِنَح».
قالَ الرَّمليُّ: لكنْ في إلحاقِها بمَنقولٍ فيه تَعاملٌ نَظرٌ؛ إذْ هي ممَّا يُنتفعُ بها مع بَقاءِ عَينِها على مِلكِ الواقفِ، وإفتاءُ صَاحبِ «البَحر» بجَوازِ وَقفِها بلا حِكايةِ خِلافٍ لا يَدلُّ على أنه داخلٌ تحتَ قَولِ مُحمدٍ المُفتَى به في وَقفِ مَنقولٍ فيه تَعاملٌ؛ لاحتِمالِ أنه اختارَ قَولَ زُفرَ وأفتَى به، وما استَدلَّ به
(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢١٩)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢١٩)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٨٠)، و «درر الحكام» (٦/ ١٣١)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٦٢).