للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكوَقفِ دَراهمَ ودَنانيرَ ليُنتفَعُ باقتِراضِها؛ لأنَّ الوَقفَ تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المَنفعةِ، وما لا يُنتفعُ به إلا بإتلافِه لا يَصحُّ فيهِ ذلكَ، فيُزكِّي النَّقْدَ رَبُّه؛ لبَقاءِ مِلكِه عليه، إلا إذا وقَفَ الأثمانَ تَبعًا كفَرسٍ وُقِفَ في سَبيلِ اللهِ بلِجامٍ وسَرجٍ مُفضَّضَينِ، فيَصحُّ الوَقفُ في الكُلِّ، فإنْ بِيعَتِ الفِضةُ مِنْ السَّرجِ واللَّجامِ وجُعلَ ثَمنُه في وَقفٍ مِثلِه فحَسنٌ؛ لأنَّ الفِضةَ لا يُنتفعُ بها، أشبَهَ الفرَسَ الحَبيسَ إذا عَطبَ، ولا تُصرَفُ في نَفقةِ الفَرسِ نَصًّا؛ لأنه صَرفٌ لها إلى غيرِ جِهَتِها، وفي «الإقْنَاع» تَبعًا ل «الاختِيارات» تُصرَفُ في نَفقتِه، وكذا لو وقَفَ حُليًّا وأطلَقَ لم يَصحَّ (١).

قالَ أحمَدُ : لا أَعرِفُ الوَقفَ في المالِ، إنَّما الوَقفُ في الدُّورِ والأرَضينَ على ما وقَفَ أصحابُ النبيِّ ، قالَ: ولا أَعرِفُ وَقفَ المالِ البَتَّةَ (٢).

وذهَبَ زُفَرُ مِنْ الحَنفيةِ -وبهِ أَفتَى عامَّةُ الحَنفيةُ- والمالِكيةُ في المُعتمَدِ والشافِعيةُ في الوَجهِ الثَّاني والحَنابلةُ في قَولٍ -وهو اختِيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ- إلى جَوازِ وَقفِ الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ للقَرضِ يُنتفعُ بها ويُردُّ بَدلُها، أو يُضارَبُ بها ويُتصدَّقُ برِبحِها في الوَجهِ الذي وُقِفَ عليه.


(١) «المغني» (٥/ ٣٧٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٩١)، و «المبدع» (٥/ ٣١٨)، و «الإنصاف» (٧/ ١٠، ١١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٨)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٥)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٨٠).
(٢) كتاب «الوقوف من الجامع لعلوم الإمام أحمد» للخلال (٢/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>