للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«البَحر» عن «التَّحرِير» هو الأكثَرُ استِعمالًا، وفي «شَرح البِيريِّ» عن «المَبسوط» أنَّ الثَّابتَ بالعُرفِ كالثابتِ بالنصِّ. اه، وتَمامُ تَحقيقِ ذلكَ في رسَالتِنا المُسمَّاةِ: «نَشرُ العُرفِ في بِناءِ بَعضِ الأحكامِ على العُرفِ»، وظاهِرُ ما مَرَّ في مَسألةِ البَقرَةِ اعتِبارُ العُرفِ الحادِثِ، فلا يَلزمُ كَونُه مِنْ عَهدِ الصَّحابةِ، وكذا هو ظاهرُ ما قَدَّمناهُ آنِفًا مِنْ زِيادةِ بَعضِ المَشايخِ أشياءَ جَرَى التَّعاملُ فيها، وعلى هذا فالظَّاهرُ اعتِبارُ العُرفِ في المَوضعِ أو زَمانِ الذِي اشتُهرَ فيه دونَ غَيرِه، فوَقفُ الدَّراهمِ مُتعارَفٌ في بلادِ الرُّومِ دونَ بِلادِنا، وَقفُ الفَأسِ والقَدُومِ كانَ مُتعارَفًا في زَمنِ المُتقدِّمينَ ولم نَسمعْ به في زَمانِنا، فالظاهرُ أنه لا يَصحُّ الآنَ، ولَئِنْ وُجدَ نادرًا لا يُعتبَرُ؛ لِما عَلِمْت مِنْ أنَّ التَّعاملَ هو الأكثرُ استِعمالًا، فتأمَّلْ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لا يَصحُّ وَقفُ ما لا يَدومُ الانتفاعُ به كالمَطعومِ والرَّياحينِ المَشمومةِ؛ لسُرعةِ فَسادِها، ولأنَّ نَفْعَه في إهلاكِه، وأمَّا الرَّيحانُ المَزروعُ فيَصحُّ وَقفُهُ للشَّمِّ؛ لأنه يَبقَى مدَّةً وفيه نَفعٌ آخَرُ وهو التَّنزهُ.

وقالَ الخَوارِزميُّ وابنُ الصَّلاحِ: يَصحُّ وَقفُ المَشمومِ الدَّائِمِ نَفعُه كالمِسكِ والعَنبَرِ والعُودِ، ويُطلَقُ الرَّيحانُ على كُلِّ نَبتٍ رَطبٍ غَضٍّ طَيِّبِ الرِّيحِ، فيَدخلُ الوَردُ لِريحِه (٢).


(١) «ابن عابدين» (٤/ ٣٦٤).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٣٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٤)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٤٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٤)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٤٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥٧)، و «الديباج» (٢/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>