للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَصحُّ شَرطُه النَّظرَ لنَفسِه ولو بمُقابِلٍ إنْ كانَ بقَدرِ أُجرةِ المِثلِ فأقلَّ؛ لأنَّ استِحقاقَه لها مِنْ جِهةِ العَملِ لا مِنْ جهةِ الوقفِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: لا يَصحُّ وَقفُ الإنسانِ على نَفسِه، فعن أحمدَ في مَنْ وقَفَ على نَفسِه ثم على المَساكينِ أو على وَلدِه فقالَ في رِوايةِ أبي طالِبٍ وقد سُئلَ عن هذا فقالَ: لا أعرفُ الوَقفَ إلا ما أخرَجَه للهِ تعالى أو في سَبيلِه، فإذا وقَفَه عليه حتى يَموتَ فلا أعرفُه، ووَجهُه أنَّ الوَقفَ تَمليكٌ للرَّقبةِ أو للمَنفعةِ، ولا يَجوزُ أنْ يُملِّكَ الإنسانُ نفسَه مِنْ نفسِه كما لم يَجزْ أنْ يَبيعَ مالَه مِنْ نفسِه، ولأنَّ الوَقفَ على نفسِه إنَّما حاصِلُه مَنعُ نَفسِه مِنْ التصرفِ في رَقبةِ المِلكِ، فلم يَصحَّ ذلكَ، كما لو أفرَدُه بأنْ يَقولَ: «لا أبيعُ هذا ولا أهَبُه ولا أُورِّثُه».

فإنْ فعَلَ بأنْ وقَفَ على نَفسِه ثم على مَنْ يَصحُّ الوَقفُ عليه كوَلدِه صُرِفَ الوقفُ في الحالِ إلى مَنْ بعدَه في أصَحِّ الرِّوايتينِ؛ لأنَّ وُجودَ مَنْ لا يَصحُّ الوَقفُ عليه كعَدمِه، فيَكونُ كأنه وقَفَ على مَنْ بعدَه ابتِداءً، فإنْ لم يَذكرْ غيرَ نَفسِه فمِلكُه بحالِه ويُورَثُ عنه.

قالَ في «الفُرُوع»: ومتى حكَمَ به حاكِمٌ حيثُ يَجوزُ له الحُكمُ فظاهِرُ كلامِهم: يَنفذُ حُكمُه ظاهِرًا.


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٢٥)، و «البيان» (٨/ ٦٦)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٣٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٨، ٤٥٩)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٠، ٤٢١)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٤٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٦٦)، و «الديباج» (٢/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>