قالَ المالِكيةُ: لا يَجوزُ للإنسانِ أنْ يُوقفَ على نَفسِه؛ لأنَّ مَنْ ملَكَ شيئًا بجِهةٍ مِنْ الجِهاتِ لم يَملكْ نقْلَه إلى نَفسِه بغيرِ تلك الجِهةِ، أصلُه إذا وهَبَ شيئًا مِنْ مالِه، ولأنَّ فيهِ تَحجيرًا عليه وعلى وارِثِه بعد المَوتِ، وسَواءٌ كانَ ذلكَ على نَفسِه خاصَّةً -أي ابتِداءً- أو بعدَ أنْ حَبسَه على غيرِه كحَبسٍ على زَيدٍ وعَمرٍو ثمَّ بعد مَوتِهما على نَفسي ثم بعدِي على كذا، أو سكَتَ عمَّا بعدَ نَفسِه، والأُولى منهُما الوقفُ فيها مُنقطِعُ الوَسطِ، والثانيةُ مُنقطِعُ الآخِرِ، أو مع شَرِيكٍ كوَقفِه على نَفسِه وعلى فُلانٍ أو الفُقراءِ، كأنْ يَقفَ دارَينِ على نَفسِه وعلى شَخصٍ على أنَّ له إحداهُما مُعيَّنةً وللآخَرِ الأُخرى ولم يَحُزْ عنه قبلَ مَوتِهِ لم يَصِحُّ الوقفُ لا على نَفسِه ولا على شريكِه، أمَّا إنْ حازَه الشريكُ قبلَ المانعِ مِنْ مَوتٍ أو فَلسٍ أو جنونٍ فإن كانَ شائعًا فإنْ حازَ الجَميعَ قبلَ المانعِ صَحَّ له مَنابُه، وإلا فلا، فإنْ أوقَفَه على نَفسِه ثم على أولادِه وعَقبِه رجَعَ حَبسًا بعد مَوتِه على عَقبِه إنْ حازوا قبل المانعِ، وإلا بطَلَ، هذا إنْ أوقَفَ في صِحتِه، فإنْ أوقَفَ في مَرضِه صَحَّ إنْ حمَلَه الثلثُ (١).
(١) «الإشراف» (٣/ ٢٥٣) رقم (١٠٩٦)، و «المعونة» (٢/ ٤٩٢، ٤٩٣)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٦٢، ٤٦٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٦٦، ٥٦٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٤٤)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٥٨).