وقالَ ابنُ الماجشُونِ: يُحكَمُ بحَبسِه ويُخرجُ إلى ثِقةٍ ليَصحَّ الحَوزُ، وتُوقَفُ ثَمرتُه، فإنْ وُلدَ له فلهم، وإلا فلأقربِ الناسِ للمُحبِّسِ.
قالَ الدُّسوقِيُّ ﵀: والحاصِلُ أنه إذا قالَ: «وَقفٌ على وَلدي -ولا وَلدَ له- أو على مَنْ سيُولدُ» فالمَسألتانِ فيهما خِلافٌ، فمالِكٌ يَقولُ: الوَقفُ وإنْ كانَ صَحيحًا إلا أنه غيرُ لازِمٍ كغَلتِه إلى أنْ يُوجَدَ فيَلزمُ فيُعطاها، وعليه فللواقِفِ بَيعُ ذلكَ الوقفِ الآنَ قبلَ وِلادةِ المُحبَّسِ عليه.
وقالَ ابنُ القاسمِ: الوَقفُ لازمٌ بمُجرَّدِ عَقدِه، وإنه لا يَكونُ مِلكًا إلا إذا حصَلَ يَأسٌ مِنْ الوَلدِ، فيُوقفُ أمرُ ذلكَ الحَبسِ للإياسِ.
قالَ شَب (أي الشيخُ إبراهيمُ الشَّبرخيتيُّ): ويَبقَى النَّظرُ على قَولِ ابنِ القاسِمِ في غلَّتِه، هل تُوقَفُ فإنْ وُلدَ له كانَت الغَلةُ له كالحَبسِ وإلا فللمُحبِّسِ؟ أو لا تُوقَفُ فيَأخذُها المُحبِّسُ حتى يُولدَ له فتُعطى له مِنْ وَقتِ الوِلادةِ؟ اه، والظَّاهرُ أنها تُوقَفُ كما صرَّحَ به اللقَّانِيُّ.
وظاهِرُ المُصنِّفِ المَشيُ على قَولِ مالكٍ حَيثُ لم يُقيِّدْ باليأسِ كما قيَّدَ به ابنُ القاسِمِ، ومَحلُّ الخِلافِ إذا لم يَكنْ قد وُلدَ له سابقًا، أمَّا إنْ كانَ قد وُلدَ له فإنه ينتظرُ بلا نِزاعٍ، قالَه الشَّيخُ أحمدُ الزَّرقانِيُّ (١).
(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٧٦، ٤٧٨)، (٥/ ٤٥٧)، و «الذخيرة» (٦/ ٣١٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٨١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٦٣، ٥٨٠)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٠، ٩٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٤٢، ٦٥٥، ٦٥٦)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٥٩)، و «منح الجليل» (٨/ ١١٤).