للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه يَجوزُ الوَقفُ على الأغنِياءِ، وأنه لا يُشترطُ وُجودُ ظُهورِ القُربةِ، بل يَكفي انتِفاءُ المَعصيةِ.

قالَ المالِكيةُ: إنَّ الوَقفَ يَصحُّ وإنْ لم تَظهرْ فيهِ قُربةٌ؛ لأنَّ الوَقفَ مِنْ بابِ العَطيَّاتِ والهِباتِ لا مِنْ بابِ الصَّدقاتِ، ولهذا يَصحُّ الوَقفُ على الغَنيِّ والفَقيرِ، ولأنَّ القُربةَ لا يُشترطُ فيها نيَّةٌ، بخِلافِ الطَّاعةِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو وقَفَ على جِهةٍ لا تَظهرُ فيها القُربةُ كالأغنِياءِ وأهلِ الذِّمةِ والفَسقةِ صَحَّ في الأصَحِّ؛ نَظرًا إلى أنَّ الوَقفَ تَمليكٌ، فالشَّرطُ انتِفاءُ المَعصيةِ لا وُجودُ ظُهورِ القُربةِ، بل يُسَنُّ الصَّدقةُ عليهم كغَيرِهم.

والثَّاني: لا؛ نَظرًا إلى ظُهورِ قَصدِ القُربةِ.

والثالثُ: يَصِحُّ على الأغنياءِ ويَبطلُ على أهلِ الذِّمةِ والفَسقةِ.

قالَ السُّيوطيُّ : هل يُشترطُ في الوَقفِ ظُهورُ القُربةِ؟ أو الشَّرطُ انتِفاءُ المَعصيةِ؟ وَجهانِ: أصَحُّهما الثَّاني، فيَصحُّ على الأغنياءِ وأهلِ الذِّمةِ والفَسَقةِ على الثَّاني دونَ الأوَّلِ، وجزَمَ في «الوَصيَّة» بالثَّاني (٢).


(١) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٥٨)، و «الشرح الصغير» (٩/ ١٣٤)، و «منح الجليل» (٨/ ١١٤).
(٢) «الأشباه والنظائر» ص (٤٩)، ويُنظَر: «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٣)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>