للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيعُه، ويَكونُ الثَّاني ناسِخًا للأولِ، ولو عكَسَ بأنْ قالَ: «على أنَّ لفُلانٍ بَيعَه والاستِبدالَ به» ثمَّ قالَ آخِرَه: «لا يُباعُ ولا يُوهَبُ» لا يَجوزُ بَيعُه؛ لأنه رُجوعٌ عمَّا شرَطَه أوَّلًا، وهذا إذا تَعارَضَ الشَّرطانِ.

أمَّا إذا لم يَتعارَضَا وأمكَنَ العَملُ بهمَا وجَبَ، كما ذكَرَهُ البِيريُّ في القاعِدةِ التَّاسعةِ مِنْ «الأَشْباه»، وما ذَكَروهُ داخِلٌ تحتَ قَولِهم: (شَرطُ الواقِفِ كنَصِّ الشَّارِعِ)؛ فإنَّ النَّصَّينِ إذا تَعارَضَا عُملَ بالمُتأخِّرِ مِنهُما. (ط) (١).

وقالَ ابنُ نُجَيْمٍ : الكَلامُ الآنَ في شُروطِ الواقِفينَ، فقدْ أفادُوا هُنا أنه ليسَ كلُّ شَرطٍ يَجبُ اتِّباعُه، فقَالُوا هُنا: إنَّ اشتِراطَه ألَّا يَعزِلَه القاضي شَرطٌ باطِلٌ مُخالِفٌ للشَّرعِ.

وبهذا عُلِمَ أنَّ قَولَهُم: (شَرطُ الواقفِ كنَصِّ الشَّارعِ) ليس على عُمومِه، قالَ العَلَّامةُ قاسِمٌ في فَتاواهُ: أجمَعَتِ الأمَّةُ أنَّ مِنْ شُروطِ الواقِفينَ ما هو صَحيحٌ مُعتبَرٌ يُعمَلُ به ومنها ما ليسَ كذلكَ.

ونصَّ أبو عَبدِ اللهِ الدِّمشقيُّ في كِتابِ الوَقفِ عن شَيخِه شَيخِ الإسلامِ -أي ابنِ تَيميةَ الحَنبليِّ-: قَولُ الفُقَهاءِ: (نُصوصُه كنَصِّ الشَّارعِ) يَعني في الفَهمِ والدِّلالةِ لا في وُجوبِ العَملِ، مع أنَّ التَّحقيقَ أنَّ لفْظَه ولفْظَ المُوصِي والحالِفِ والنَّاذرِ وكُلِّ عاقِدٍ يُحمَلُ على عادتِه في خِطابِه ولُغتِه التي يَتكلَّمُ


(١) «ابن عابدين» (٤/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>