للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَيءِ، نَصَّ عليه وجَرَى عليه الجُمهورُ، وكذلكَ ما يَقِفُه الحاكِمُ مِنْ بَدَلِ المَوقوفِ عند تَلفِه، وما يَقِفُه مِنْ ريع اشترط أن يَشتَريَ به ويُوقَفَ، فكلُّ هذا صَحيحٌ مِنْ غَيرِ أهلِ تَبرعٍ فيهِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: الأوقافُ التيمِنْ بَيتِ المالِ كأوقافِ الأُمَراءِ أو المُلوكِ فلَيستْ بأوقافٍ حَقيقةً، وإنَّما هي أوقافٌ بالصُّورَةِ، فكلُّ مَنْ له الأَكلُ مِنْ بَيتِ المالِ له التَّناولُ منها، قالَ الرُّحَيبانِيُّ : وإنْ لم يُباشِرِ المَشروطَ، كما أَفتَى به صاحِبُ «المُنتَهى» مُوافَقةً للشَّيخِ الرَّملِيِّ وغَيرِه في وَقفِ جامِعِ طُولُونَ ونَحوِه، وفي «اليَنبُوع» للسُّيوطِيِّ: فرعٌ: نَذكرُ ما ذكَرَه أصحابُنا الفُقهاءُ في الوَظائِفِ المُتعلِّقةِ بأوقافِ الأُمَراءِ والسَّلاطينِ كُلِّها إنْ كانَ لها أصلٌ مِنْ بَيتِ المالِ أو تَرجعُ إليهِ، فيَجوزُ لمَن كانَ بصِفةِ الاستِحقاقِ مِنْ عالِمٍ للعُلومِ الشَّرعيةِ وطالِبِ العِلمِ كذلكَ وصُوفِيٍّ على طَريقةِ الصُّوفيةِ مِنْ أهلِ السُّنَّةِ أنْ يَأكلَ ممَّا وَقَفوهُ غيرَ مُتقيِّدٍ بما شَرَطوهُ، ويَجوزُ في هذه الحالةِ الاستِنابةُ لعُذرٍ وغَيرِه، ويَتناوَلُ المَعلومَ وإنْ لم يُباشِرْ ولا استَنابَ، ومَن لم يَكنْ بصِفةِ الاستِحقاقِ مِنْ بَيتِ المالِ لم يَحِلَّ له الأكلُ مِنْ هذا الوَقفِ -ولو قرَّرَه النَّاظِرُ وباشَرَ الوَظيفةَ-؛ لأنَّ هذا مِنْ بَيتِ المالِ لا يَتحوَّلُ عن حُكمِه الشَّرعِيِّ بجَعلِ أحدٍ. انتهى (٢).


(١) «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥٥، ٤٥٦).
(٢) «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٣٩، ٣٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٨١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>