للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطَلَ تَحبيسُهم، وبذلكَ أَفتَى العَبدوسِيُّ، ونقَلَه ابنُ غازي في «تَكمِيل التَّقييدِ» (١).

وقالَ القَرافِيُّ : فَرعٌ: قالَ: إذا وقَفَ المُلوكُ وَقفًا على جِهةٍ وهُم مُتمكِّنونَ مِنْ تَمليكِها لتلكَ الجِهةِ شَرعًا جازَ كالرُّبَطِ والمَدارسِ، وإنْ لم يَكونوا مُتَمكِّنينَ كإنفاقِهم على دَراريهِم لم يَصحَّ؛ لأنَّ مَنْ تَعذَّرَ تَمليكُه تَعَذَّرَ إنفاقُه بطَريقِ الأَولى، فإنْ وَقَفوا على مَدرسةٍ أكثَرَ مِمَّا يُحتاجُ بطَلَ فيما زادَ فقط؛ لأنهم مَعزولونَ عن التَّصرُّفِ إلا على وَجهِ المَصلحةِ، والزَّائدُ لا مَصلحةَ فيه فهو مِنْ غيرِ مُتَوَلٍّ فلا يَنفذُ.

وإنْ وَقَفوا أموالَ الزَّكاةِ على جِهاتِها لم يَجُزْ؛ لِما فيهِ مِنْ التَّحجيرِ على الفُقراءِ.

فإنْ غَصَبوا أموالًا يُوقِفونَها على المَصالِحِ العامَّةِ أو الخاصَّةِ فإنْ وَقَفوا عَيْنَ المَغصوبِ أو اشتَرَوا به مُعاطَاةً لم يَصحَّ الوَقفُ، وإنْ كانَ على الذِّمةِ لم يَضمَنْ مَنِ انتَفعَ بذلكَ العينَ المُشتراةَ بخِلافِ الأوَّلِ، وهل يَغرمُ السُّلطانُ لأنه أفسَدَ أو لا يَغرَمُ لأنه ما انتَفعَ به في نَفسِه؟ فيه نظَرٌ، وهذا الفَرعُ يُخالِفُ قَواعِدَنا في بَيعِ المُعاطاةِ، فإنه عندنا مَتى كانَ بالدَّنانيرِ أو الدَّراهِمِ فإنها لا تَتعيَّنُ، وهو كالعَقدِ على الذِّمةِ سَواءٌ، وكذلكَ إذا لم يَنتفِعِ السُّلطانُ ضَمِنَ؛ لأنه غاصِبٌ يَضمَنُ وإنْ لم يَنتفِعْ (٢).


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٤٥٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٣٠).
(٢) «الذخيرة» (٦/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>