للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجلِسًا حافِلًا حضَرَه الشَّيخُ سِراجُ الدِّينِ البَلقينيُّ والبُرهانُ ابنُ جَماعةَ وشَيخُ الحَنفيةِ الشَّيخُ أكمَلُ الدِّينِ شارِحُ «الهِدايَة»، فقالَ البَلقينيُّ: ما وُقفَ على العُلماءِ والطَّلَبةِ لا سَبيلَ إلى نَقضِه؛ لأنَّ لهم في الخُمسِ أكثَرَ مِنْ ذلكَ، وما وُقفَ على فاطِمةَ وخَديجةَ وعائِشةَ يُنقضُ، ووافَقَه على ذلكَ الحاضِرونَ كما ذكَرَه السُّيُوطيُّ في «النَّقْل المَستُور في جَوازِ قَبضِ مَعلومِ الوَظائِفِ بلا حُضورٍ».

ثمَّ رَأيتُ نَحوَه في «شَرح المُلتَقى»، ففي هذا صَريحٌ بأنَّ أوقافَ السَّلاطِينِ مِنْ بَيتِ المالِ إرصادَاتٌ لا أوقافٌ حَقيقةً، وأنَّ ما كانَ منها على مَصاريفِ بَيتِ المالِ لا يُنقضُ، بخِلافِ ما وقَفَه السُّلطانُ على أولادِه أو عُتَقائِه مثلًا، وأنه حيثُ كانَتْ أرصادًا لا يَلزمُ مُراعاةُ شُروطِها؛ لعَدمِ كَونِها وَقفًا صَحيحًا، فإنَّ شرْطَ صِحتِه مِلكُ الواقفِ، والسُّلطانُ بدونِ الشِّراءِ مِنْ بَيتِ المالِ لا يَملكُه.

وقد عَلِمْت مُوافَقةَ العَلَّامةِ الأكمَلِ على ذلكَ، وهو مُوافِقٌ لِما مَرَّ عن «المَبسُوط» وعن المَولى أبي السُّعودِ، ولِما سَيذكُرُه الشَّارحُ في الوَقفِ عن «النَّهْر» مِنْ أنَّ وقْفَ الإقطاعاتِ لا يَجوزُ إلا إذا كانَتْ أرضًا مَواتًا أو مِلكًا للإمامِ فأقطَعَها رَجلًا، وهذا خِلافُ ما في «التُّحْفَة المَرْضِيَّة» عن العَلَّامةِ قاسِمٍ مِنْ أنَّ وقْفَ السُّلطانِ لأرضِ بَيتِ المالِ صَحيحٌ.

قُلتُ: ولعلَّ مُرادَه أنه لازِمٌ لا يُغيَّرُ إذا كانَ على مَصلحةٍ عامَّةٍ، كما نقَلَ الطَّرسوسيُّ عن قاضِيخَان مِنْ أنَّ السُّلطانَ لو وقَفَ أرضًا مِنْ بَيتِ مالِ المُسلمينَ على مَصلحةٍ عامَّةٍ للمُسلمينَ جازَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>