وفي حاشِيَةِ العلَّامةِ ابنِ عابدِينَ الحَنفيِّ ﵀ على «الدُّر» أنَّ أوقافَ المُلوكِ والأُمراءِ إنْ عُلِمَ مِلكُهم لها بالشِّراءِ صَحَّ وَقفُهم لها ورُوعِيَ فيهِ شَرطُ الوَقفِ، وإنْ لم يُعلَمْ شِراؤُهم لها ولا عَدمُه فالظَّاهرُ أنه لا يُحكَمُ بصِحةِ وَقفِها؛ لأنه لا يَلزمُ مِنْ وَقفِهم لها مِلكُهم لها، بل يُحكَمُ بأنَّ ذلكَ السُّلطانَ الذي وقَفَها أَخرجَها مِنْ بَيتِ المالِ وعيَّنَها لمُستحِقِّيها مِنْ العُلماءِ والطَّلبةِ ونَحوِهم عَونًا لهم على وُصولِهم إلى بَعضِ حقِّهِم مِنْ بَيتِ المالِ، فهو إرصادٌ لا وَقفٌ حَقيقةً، فلِهذا أَفتَى علَّامةُ الوُجودِ المَولَى أبو السُّعودِ مُفتِي السَّلطَنةِ السُّلَيمانيةِ بأنَّ أوقافَ المُلوكِ والأُمراءِ لا يُراعَى شَرطُها؛ لأنها مِنْ بَيتِ المالِ أو تَرجِعُ إليهِ، وإذا كانَ كذلكَ لا يَجوزُ الإحداثُ إذا كانَ المُقرَّرُ في الوَظيفةِ أو المُرتَّبُ مِنْ مَصاريفِ بَيتِ المالِ.
قالَ ابنُ عابِدينَ: ولا يَخفى أنَّ المَولَى أبا السُّعودِ أَدرَى بحالِ أوقافِ المُلوكِ، ومِثلُه في «المَبسُوط» مِنْ أنَّ السُّلطانَ يَجوزُ له مُخالَفةُ الشَّرطِ إذا كانَ غالِبُ جِهاتِ الوَقفِ قُرًى ومَزارِعَ؛ لأنَّ أصلَها لبَيتِ المالِ. اه، يَعني: إذا كانَتْ لبَيتِ المالِ ولَم يُعلَمْ مِلكُ الواقفِ لها فيَكونُ ذلكَ إرصادًا لا وَقفًا حَقيقةً، أي أنَّ ذلكَ السُّلطانَ الذي وقَفَه أخرَجَه مِنْ بَيتِ المالِ وعيَّنَهُ لمُستحِقِّيه مِنْ العُلماءِ والطَّلَبةِ ونَحوِهم عَونًا لهم على وُصولِهم إلى بَعضِ حقِّهِم مِنْ بَيتِ المالِ.