للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: إذا وقَفَ المَريضُ على بَعضِ الوَرثةِ ولمْ يُجِزْه باقيهمْ لا يَبطلُ أصلُه، وإنَّما يَبطلُ ما جعَلَ مِنْ الغلَّةِ لبَعضِ الوَرثةِ دونَ بَعضٍ، فيُصرَفُ على قَدرِ مَواريثِهم عن الواقفِ ما دامَ المَوقوفُ عليه حَيًّا، ثمَّ يُصرَفُ بعد مَوتِه إلى مَنْ شرَطَه الواقفُ؛ لأنه وَصيةٌ تَرجِعُ إلى الفُقراءِ، وليس كوَصيتِه لوارِثٍ ليَبطُلَ أصلُه بالرَّدِّ.

قالُوا: امرَأةٌ وقَفَتْ مَنزلًا في مَرَضِها على بَناتِها ثمَّ مِنْ بَعدِهنَّ على أولادِهنَّ وأولادِ أولادِهنَّ أبَدًا ما تَناسَلُوا، فإذا انقَرَضوا فللفُقراءِ، ثمَّ ماتَتْ مِنْ مَرضِها وخلَّفَتْ مِنْ الوَرثةِ بِنتَينِ وأُختًا لأبٍ، والأُختُ لا تَرضَى بما صنَعَتْ، ولا مالَ لها سِوى المَنزلِ جازَ الوَقفُ في الثُّلثِ ولم يَجُزْ في الثُّلثينِ، فيُقسمُ الثُّلثانِ بينَ الوَرثةِ على قَدرِ سِهامِهم ويُوقَفُ الثُّلثُ، فما خرَجَ مِنْ غلَّتِه قُسِمَ بينَ الوَرثةِ كلِّهم على قَدرِ سِهامِهم ما عاشَتِ البِنتانِ، فإذا ماتَتَا صُرِفَتِ الغلَّةُ إلى أولادِهِما وأولادِ أولادِهِما كما شرَطَتِ الواقِفةُ، لا حقَّ للوَرثةِ في ذلكَ.

وفي «الظَّهيرِيَّة»: رَجلٌ وقَفَ دارًا له في مَرضِه على ثَلاثِ بَناتٍ له وليسَ له وارِثٌ غَيرُهنَّ، قالَ: الثُّلثُ مِنْ الدَّارِ وَقفٌ والثُّلثانِ مُطلَقٌ لهنَّ يَصنَعنَ بهما ما شِئنَ، قالَ الفَقيهُ أبو اللَّيثِ: هذا إذا لم يُجِزْنَ، أمَّا إذا أَجَزْنَ صارُ الكلُّ وَقفًا عليهنَّ. اه

والحاصِلُ: أَنَّ المَريضَ إذا وقَفَ على بَعضِ وَرثتِه ثمَّ مِنْ بَعدِهم على أولادِهِم ثمَّ على الفُقراءِ، فإنْ أجازَ الوارِثُ الآخَرُ كانَ الكلُّ وَقفًا واتُّبعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>