للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابَ: لا يَصِحُّ ولا يَلزمُ، والقُضاةُ مَمنوعونَ مِنْ الحُكمِ وتَسجيلِ الوَقفِ بمِقدارِ ما شُغِلَ بالدَّيْنِ. اه، فلْيُحفظْ، فقدْ استَدرَكَ العَلائيُّ بما في «المَعْروُضات» وأقَرَّهُ، وقد تَبِعَه تِلميذُه العَلَّامةُ الشَّيخُ إسماعيلُ الحائِك في فَتاويهِ؛ سُئِلَ في رَجلٍ عليه دَينٌ لزَيدٍ وله دارٌ مِلكٌ فقط لا يَفي ثَمنُها بقَدرِ دَينِه، وليسَ له ما يُوَفِّي به دَينَه فوقَفَ الدَّارَ لمَنعِ صاحِبِ الدَّينِ؟

أجابَ: ليس للقاضي أنْ يُنفِذَ هذا الوَقفَ، ويُجبَرُ الرَّجلُ المَزبورُ على بَيعِه ووَفاءِ الدَّينِ، والقُضاةُ مَمنوعونَ عن تَنفيذِ مثلِ هذا الوَقفِ كما أفادَهُ المَرحومُ المُفتِي الأعظَمُ أبو السُّعودِ أفَنْدِي غمَرَه اللهُ بغُفرانِه (١).

وأمَّا المالِكيةُ فيُفرِّقونَ بينَ أنْ يَكونَ الوَقفُ قبل الدَّينِ أو بعدُ، وبينَ حَوزِ المَوقوفِ وعَدمِه.

فإنْ كانَ الوَقفُ بعدَ تَحقُّقِ الدَّينِ بطَلَ الوَقفُ ويُباعُ للدَّينِ؛ تَقديمًا للواجِبِ على التَّبرعِ، سَواءٌ وقَفَ على مَحجورِه أو على غيرِه.

وإنْ كانَ الوَقفُ قبلَ الدَّينِ: فإنْ كانَ المَوقوفُ عليه قد حازَ المَوقوفَ عليه قبل الدَّينِ فإنَّ الوَقفَ يَكونُ صَحيحًا ويَتعلَّقُ الدَّينُ بذمَّةِ الواقفِ.

وإنْ كانَ المَوقوفُ عليه لم يَحُزِ الوَقفَ حتى حصَلَ الدَّينُ فالغَريمُ مُخيَّرٌ بينَ إمضاءِ الوَقفِ وبينَ إبطالِه وأخذِه في دَينِه؛ لأنَّ الحَقَّ له.

وإنْ جهِلَ سبْقَ أحَدِهما بأنْ وقَفَ وَقفًا وعلى الواقفِ دَينٌ، ولم يعلَمْ هل الدَّينُ قبل الوَقفِ أو بعدَه، فإنْ كانَ المَوقوفُ قد خرَجَ مِنْ تحتِ يَدِ


(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ٢١٧، ٢١٨)، و «الدر المختار» (٤/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>