للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازمٍ مع إمكانِ هذا الاحتِمالِ، وإنْ ثبَتَ هذا الاحتِمالُ كانَ حُجَّةً لمَن قالَ بصحَّةِ تَعليقِ الوَقفِ، وهو عندَ المالِكيةِ، وبه قالَ ابنُ سُريجٍ، وقالَ: تَعودُ مَنافعُه بعدَ المُدَّةِ المُعيَّنةِ إليه ثُمَّ إلى وَرثتِه، فلو كانَ التَّعليقُ مَآلًا صَحَّ اتِّفاقًا كما لو قالَ: «وقَفتُه على زَيدٍ سَنةً ثُمَّ على الفُقراءِ»، وحَديثُ عُمرَ هذا أصلٌ في مَشروعيةِ الوَقفِ، قالَ أحمدُ: حدَّثَنا حمَّادٌ هو ابنُ خالِدٍ: حدَّثَنا عَبدُ اللهِ هو العُمريُّ عن نافِعٍ عن ابنِ عمرَ قالَ: «أوَّلُ صَدقةٍ -أي مَوقوفةٍ- كانَتْ في الإسلامِ صَدقةُ عُمرَ»، ورَوى عُمرُ بنُ شَبَّةَ عن عَمرِو بنِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ قالَ: «سَألْنا عن أوَّلِ حَبسٍ في الإسلامِ، فقالَ المُهاجِرونَ: صَدقةُ عُمرَ، وقالَ الأنصارُ: صَدقةُ رَسولِ اللهِ »، وفي إسنادِه الواقِديُّ، وفي مَغازِي الواقِديِّ أنَّ أولَ صَدقةٍ مَوقوفةٍ كانَتْ في الإسلامِ أَراضِي مُخَيريقٍ -بالمُعجَمةِ مُصغَّرٌ- التي أَوصَى بها إلى النبيِّ فوقَفَها النبيُّ ، قالَ التِّرمِذيُّ: لا نَعلمُ بينَ الصَّحابةِ والمُتَقدِّمينَ مِنْ أهلِ العِلمِ خِلافًا في جَوازِ وَقفِ الأرَضينَ، وجاءَ عن شُريحٍ أنه أنكَرَ الحَبسَ، ومِنهم مَنْ تَأوَّلَه، وقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَلزمُ، وخالَفَه جَميعُ أصحابِه إلا زُفرَ بنُ الهُذيلِ، فحَكى الطَّحاويُّ عن عيسَى بنُ أبانَ قالَ: كانَ أبو يُوسفَ يُجيزُ بَيعَ الوَقفِ، فبلَغَه حَديثُ عُمرَ هذا فقالَ: مَنْ سَمِعَ هذا مِنْ ابنِ عَونٍ؟ فحدَّثَه به ابنُ عُليَّةَ، فقالَ: هذا لا يَسعُ أحَدًا خِلافُه، ولو بلَغَ أبا حَنيفةَ لَقالَ به، فرجَعَ عن بَيعِ الوَقفِ حتى صارَ كأنه لا خِلافَ فيهِ بينَ أحَدٍ. اه

<<  <  ج: ص:  >  >>