يَملأُ خَابيةً أو نحوَها ماءً على الطريقِ أو في مَسجدِه ونَحوِه؛ لدَلالةِ الحالِ على تَسبيلِه.
ولو جعَلَ سَفَلَ بَيتِه مَسجدًا وانتَفعَ بعُلوِّ البَيتِ صَحَّ، أو عكسُه بأنْ جعَلَ عُلوَّ بَيتِه مَسجدًا وانتَفعَ بسَفلِه صَحَّ، أو جعَلَ وسطَ البَيتِ مَسجدًا وانتَفعَ بعُلوِّه وسَفلِه ولو لم يَذكرِ استِطراقًا إلى ما جعَلَه مَسجدًا صَحَّ الوَقفُ ويستَطْرقُ إليه، كما لو باعَ بَيتًا مِنْ دارِه أو أجَّرَ بَيتًا مِنْ دارِه ولم يَذكُرْ له استِطراقًا، فإنه يَصحُّ البَيعُ والإجارةُ ويستَطْرقُ إليه على العادةِ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ وأحمَدُ في رِوايةٍ تُحكَى عنهُ إلى أنه لا يَصيرُ وَقفًا إلا بالقَولِ.
ولا يَحصلُ الوَقفُ بالفعلِ؛ لأنَّ هذا تَحبيسُ أصلٍ على وَجهِ القُربةِ، فوجَبَ ألا يَصحَّ بدُونِ اللَّفظِ كالوَقفِ على الفُقراءِ والمَساكينِ، فعلَى هذا إنْ بَنى مَسجدًا وأَذِنَ للناسِ في الصلاةِ فيهِ أو أَذِنَ للناسِ في الدَّفنِ في أرضِه لم يَصيرَا بذلكَ وَقفًا.
قالَ الشافِعيةُ في المَذهبِ: لا يَصحُّ الوَقفُ مِنْ النَّاطقِ الذي لا يُحسِنُ الكِتابةَ إلا بلَفظٍ يُشعِرُ بالمُرادِ كالعِتقِ؛ لأنه تَمليكٌ للعَينِ والمَنفعةِ أو
(١) «المغني» (٥/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «الكافي» (٢/ ٤٥٤)، و «المبدع» (٥/ ٣١٤)، و «الإنصاف» (٧/ ٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٠، ٣٣١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٤)، و «الروض المربع» (٢/ ١٦٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٧٢)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٠).