للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ ظاهرَ الصَّدقةِ تَقتضِي تَمليكَ الرَّقبةِ، وإنَّما يَنصرفُ إلى الحَبسِ بقرينةٍ تَنضمُّ إليه، فأمَّا إنْ جمَعَ بينَ لَفظِ الحَبسِ والصَّدقةِ فقال: «هذه الدارُ حَبسٌ صَدقةٌ» أو قالَ: «حَبسٌ» فإنْ ضَمَّ إلى ذلكَ «لا تُباعُ ولا تُوهَبُ» أو قالَ: «مُحرَّمةٌ أو مُؤبَّدةٌ أو وقفٌ» فلا يَختلفُ المَذهبُ أنها تتأبَّدُ بذلكَ، وإنْ لم يقُلْ إلا: «حَبسًا صَدقةً» أو «صَدقةً حَبسًا» ولا ذكَرَ مَجهولينَ ولا عُقبى فاختَلفَ أصحابُنا في تَخريجِ قَولِ مالِكٍ فيها، فمنهم مَنْ قالَ: إنها على رِوايتَيْنِ كقولِه: «حَبسًا» فقط، ومنهمْ مَنْ قالَ: على رِوايةٍ واحِدةٍ، إنها تَرجِعُ حَبسًا ولا تَعودُ مِلكًا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو قالَ: «تَصدَّقْتُ» فقطْ ليس بصَريحٍ في الوَقفِ ولا كِنايةٍ، فلا يَحصلُ به الوَقفُ وإنْ نَوَى به الوَقفَ؛ لتَردُّدِ اللَّفظِ بينَ صَدقةِ الفَرضِ والتَّطوعِ والوَقفِ؛ لأنَّ هذا اللَّفظَ صَريحٌ في غيرِ الوَقفِ فلا يَكونُ كِنايةً فيهِ، إلا أنْ يُضيفَه إلى جِهةٍ عامَّةٍ مثل: «تَصدَّقْتُ به على الفُقراءِ أو الغُزاةِ» ويَنويَ الوَقفَ فيَصيرُ كِنايةً.

وأمَّا إنْ أضافَه إلى جِهةٍ خاصَّةٍ ك: «تَصدَّقتُ عليكَ، أو عليهم» لا يَكونُ وَقفًا على الصَّحيحِ؛ لأنَّ اللَّفظَ لا إشعارَ له بذلكَ.


(١) يُنظَر: «المعونة» (٢/ ٤٨٨، ٤٨٩)، و «المختصر الفقهي» (١٣/ ٤٠، ٤١)، و «الذخيرة» (٦/ ٣١٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٦٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٨٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٨، ٨٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>