للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبطُلُ؛ فلا يَجوزُ له البَيعُ؛ لأنَّه عَقدُ أمانةٍ، فتَبطُلُ بالخِيانةِ، كالوَديعةِ، والآخَرُ أنَّها لا تَبطُلُ؛ لأنَّ العَقدَ يَتضَمَّنُ أمانةً وتَصرُّفًا؛ فإذا تَعدَّى فيه بطَلتِ الأمانةُ وبَقيَ التَصرُّفُ، كالرَّهنِ، يَتضَمَّنُ أمانةً ووَثيقةً؛ فإذا تَعدَّى فيه بطَلتِ الأمانةُ وبَقِيتِ الوَثيقةُ (١).

وقالَ العِمرانيُّ : فإنْ دفَع إليه دَراهِمَ، ووكَّله لِيَشترِيَ له بعَينِها سِلعةً، فتَعدَّى الوَكيلُ فيها صارَ ضامِنًا لها، فإنِ اشتَراها بها بعدَ ذلك لِلمُوكِّلِ فهَل يَصحُّ؟ على الوَجهَيْنِ في المَسألةِ التي قبلَها، فإذا قُلْنا: يَصحُّ، فمتى يَزولُ عنه ضَمانُها؟ على الوَجهَيْنِ.

وإنْ أمَرَه أنْ يَشترِيَ بثَمَنٍ في الذِّمةِ، ويَنقُدَ الثَّمنَ مِنها، فتَعدَّى الوَكيلُ فيها، بأنْ ترَك حِفظَها، ثم اشترَى بعدَ ذلك في الذِّمةِ لِلمُوكِّلِ صَحَّ الشِّراءُ له، وَجهًا واحِدًا؛ لأنَّه لَم يَتعَدَّ فيما تَناوله العَقدُ، فإذا نقَد الدَّراهِمَ أُبْرِئَ مِنْ ضَمانِها.

وإنِ استَقرَضَ الوَكيلُ الدَّراهِمَ، وأتلَفَها بطَلتْ وَكالَتُه، وَجهًا واحِدًا؛ لأنَّه إنْ كانَ قَدْ أمَرَه أنْ يَشتَريَ بعَينِه فقَد تَعَذَّرَ ذلك بتَلَفِها، فجَرى مَجرَى مَنْ وُكِّلَ في بَيعِ عَبدٍ، فماتَ، وإنْ كانَ أمَرَه أنْ يَشتَريَ في الذِّمةِ، ويَنقُدَ الثَّمنَ مِنها؛ فإنَّه إنَّما أمَرَه بالتَصرُّفِ في تلك الدَّراهِمِ، فإذا تَلِفَتْ لَم يَملِكِ الشِّراءَ (٢).


(١) «المهذب» (١/ ٣٥٧)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٣٤).
(٢) «البيان» (٦/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>