قالَ الحَنابِلةُ: فعلى هذا لو وكَّله في بَيعِ ثَوبٍ فلَبِسَه صارَ ضامِنًا لِتَعَدِّيهِ؛ فإذا باعَه صَحَّ بَيعُه وأُبْرِئَ مِنْ ضَمانِه؛ لِدُخولِه في مِلْكِ المُشتَرِي وضَمانهِ؛ فإذا قبَض الوَكيلُ الثَّمنَ كانَ أمانةً في يَدِه غيرَ مَضمونٍ عليه؛ لأنَّه قَبَضَه بإذْنِ المُوكِّلِ، ولَم يَتعَدَّ فيه؛ فَإنْ رَدَّ المُشتَرِي الثَّوبَ على الوَكيلِ بعَيبٍ عادَ الضَّمانُ؛ لأنَّ العَقدَ المُزيلَ لِلضَّمانِ زالَ، فعادَ ما زالَ به، وإنْ عادَ إلى الوَكيلِ بعَقدٍ آخَرَ لَم يَعُدِ الضَّمانُ إلَّا إنْ تَعدَّى؛ لأنَّ هذه وَكالةٌ أُخرَى، لَم يَقَعْ عنه فيها تَعَدٍّ.
ولو دفَع إليه مالًا ووكَّله في شِراءِ شَيءٍ، فتَعدَّى الوَكيلُ في الثَّمنِ، صارَ ضامِنًا له؛ فإذا اشترَى به وسلَّمَه زالَ الضَّمانُ، وقَبْضُه لِلمَبيعِ قَبْضُ أمانةٍ.
وإنْ وُجِدَ بالمَبيعِ عَيبٌ فرُدَّ عليه، أو وجَد هو بما اشترَى عَيبًا فرَدَّه وقَبضَ الثَّمنَ، كانَ مَضمونًا عليه؛ لأنَّ العَقدَ المُزيلَ لِلضَّمانِ زالَ، فعادَ ما زالَ عنه (١).
وقالَ الشِّيرازيُّ ﵀: وإنْ وُكِّلَ في بَيعِ عَيْنٍ فتَعدَّى فيها بأنْ كانَ ثَوبًا فلَبِسَه، أو دَابَّةً فرَكِبَها، فهَلْ تَبطُلُ الوَكالةُ أو لا؟ فيه وَجهانِ، أحَدُهما:
(١) «المغني» (٥/ ٧٢)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٥)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٦، ٥١٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٧).