للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الماوَرديُّ : قالَ المُزَنيُّ : «فَإنْ طَلبَ مِنه الثَّمنَ فمَنعَه مِنه فقَد ضَمِنه، إلَّا في حالٍ لا يُمكِنُه فيها دَفعُهُ». قالَ الماوَرديُّ: وهذا كما قالَ إذا حصَل مَع الوَكيلِ ثَمَنُ ما باعَ لِمُوكِّلِه، فطَلبَه مِنه فمَنعَه، فلا يَخْلو مَنعُه مِنْ أحَدِ أمرَيْنِ:

إمَّا أنْ يَكونَ بعُذرٍ وإمَّا أنْ يَكونَ بغيرِ عُذرٍ.

فَإنْ كانَ بِعُذرٍ، كَحُدوثِ مَرَضٍ، أو خَوْفٍ يَمنَعُ مِنْ الوُصولِ إلى مَوضِعِ الثَّمنِ، أو لِحُضورِ فَرضٍ مِنْ جُمُعةٍ أو مَكتوبةٍ قَدْ ضاقَ وَقتُها، أو لِضَياعِ مِفتاحٍ بدِيارِ غيرِه، أو لِمُلازَمةِ غَريمٍ له إلى ما جَرى مَجرَى ذلك، فهذا عُذرٌ في تَأخيرِ الدَّفعِ، ولا ضَمانَ عليه إنْ تَلِفَ قبلَ الدَّفْعِ.

وإنْ مَنعَه لِغيرِ عُذرٍ صارَ ضامِنًا له؛ فَإنْ تَلِفَ كانَ عليه غُرْمُه.

فَلَو مَنعَه مِنْ دَفعِه حتى يَشهَدَ على نَفْسِه بقَبضِه، فقَدِ اختَلفَ أصحابُنا: هَلْ له ذلك ويَلزَمُ المُوكِّلَ الإشهادُ على نَفْسِه بالقَبضِ أو لا؟ على ثَلاثةِ أوْجُهٍ:

أحَدُها: وهو الصَّحيحُ، أنَّه ليسَ له ذلك، ولا يَلزَمُ المُوكِّلَ الإشهادُ على نَفْسِه بالقَبضِ؛ لأنَّ قولَ الوَكيلِ مَقبولٌ في الدَّفعِ، فعلى هذا يَصيرُ بالمَنعِ ضامِنًا، وعليه الغُرمُ إنْ تَلِفَ.

والوَجهُ الثَّاني: له الِامتِناعُ مِنْ الدَّفعِ إلَّا بالإشهادِ، لِيَسْلَمَ مِنْ اليَمينِ مَع الإكذابِ، فعلى هذا لا يَصيرُ بالمَنعِ ضامِنًا، ولا غُرْمَ عليه إنْ تَلِفَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>