أمَّا الأوَّلُ فلأنَّ الأملاكَ مُتَبايِنةٌ، حيثُ يَحِلُّ لِلِابنِ وَطْءُ جاريةِ نَفْسِه، ولو لَم يَكُنْ مِلْكُه مُتَبايِنًا عن مِلْكِ أبيه لَكانَتْ جاريَتُه مُشترَكةً، ولَمَا حَلَّ له وَطؤُها، ولا يَحِلُّ له وَطءُ جاريةِ أبيه، والمَنافِعُ مُنقَطِعةٌ؛ فإنَّ تَبايُنَ الأملاكِ يُوجِبُ انقِطاعَ المَنافِعِ.
وأمَّا الآخَرُ: فلأنَّ التَّقديرَ بمِثلِ القِيمةِ يَنفيه، وإذا وُجِدَ المُقتَضِي وانتَفَى المانِعُ وجَب القَولُ بالجَوازِ، كما في البَيعِ مِنْ الأجنَبِيِّ.
ولأنَّه باعَ بالثَّمنِ الذي لو باعَ به لِأجنَبِيٍّ لَصَحَّ، فلا تُهمةَ حينَئذٍ، فهو كما لو باعَ مِنْ صَديقِه.
وقيلَ: إنْ باعَ بغَبْنٍ يَسيرٍ لهم يَجوزُ عندَ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ.
وقالَ المالِكيَّةُ: إنْ حابَى، بأنْ باعَ لهم ما يُساوي عَشَرةً بخَمسةٍ، مُنِعَ ومَضَى البَيعُ وغُرِّمَ الوَكيلُ ما حابَى به، والعِبرةُ بالمُحاباةِ وَقتَ البَيعِ، لا وَقتَ قِيامِ المُوكِّلِ أو عِلمِه (١).
(١) «البدائع» (٦/ ٢٨)، و «العناية» (١١/ ١٦٢، ١٦٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٨، ٤٩٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٦٦، ١٦٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٢)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٥٦٣)، و «اللباب» (١/ ٥٦٤)، و «ابن عابدين» (٧/ ٣٣٠)، و «الهندية» (٢/ ٥٨٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠٢، ٥٠٣)، و «البيان» (٦/ ٤١٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٦)، و «الديباج» (٢/ ٣١٣)، و «المغني» (٥/ ٦٩)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢١)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٢١).