للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: ولا يَجوزُ له أنْ يَبيعَ بثَمَنِ المِثلِ وثم راغِبٌ بأزيَدَ؛ لأنَّه مَأْمورٌ بالمَصلَحةِ.

ولو وُجِدَ الرَّاغِبُ في زَمَنِ الخِيارِ فالأصَحُّ أنَّه يَلزَمُه فَسخُ البَيعِ مَع الأوَل، ويَقبَلُ الزِّيادةَ؛ فَإنْ لَم يَفعَلِ انفسَخ، وإنْ لَم يَعلَمْ به ومَحَلُّه كما قالَ الأذرَعيُّ إذا لَم يَكُنِ الرَّاغِبُ مُماطِلًا ولا مُتجَوِّهًا ولا كانَ مالُه أو كَسبُه حَرامًا.

فائِدةٌ: ثَمَنُ المِثلِ نِهايةُ رَغَباتِ المُشتَرِي (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: ولو حضَر مَنْ يَزيدُ على ثَمَنِ المِثلِ لَم يَجُزْ أنْ يَبيعَ بثَمَنِ المِثلِ؛ لأنَّ عليه الِاحتياطَ وطَلبَ الحَظِّ لِمُوكِّلِه، وإنْ باعَ المثلَ فحضَر مَنْ يَزيدُ في مُدَّةِ الخِيارِ لَم يَلزَمْه فَسخُ العَقدِ في الصَّحيحِ؛ لأنَّ الزِّيادةَ مَمنوعٌ مِنها مَنهِيٌّ عَنها، فلا يَلزَمُ الرُّجوعُ إليها، ولأنَّ المُزايِدَ قَدْ لا يَثبُتُ على الزِّيادةِ، فلا يَلزَمُ الفَسخُ بالشَّكِّ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويُحتمَلُ أنْ يَلزَمَه ذلك؛ لأنَّها زِيادةٌ في الثَّمنِ، أمكَنَ تَحصيلُها، فأشبَهَ ما لو أجازَ به قبلَ البَيعِ، والنَّهيُ يَتوَجَّهُ إلى الذي زادَ، لا إلى الوَكيلِ، فأشبَهَ مَنْ جاءَتْه الزِّيادةُ قبلَ البَيعِ وبعدَ الِاتِّفاقِ عليه (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠١، ٥٠٢)، و «البيان» (٦/ ٤٣٣، ٤٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٦، ٣٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٣، ٤٤)، و «الديباج» (٢/ ٣١٢)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٤).
(٢) «المغني» (٥/ ٧٨، ٧٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>