للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا ما يَتغابَنُ النَّاسُ بمِثلِه، فإنَّ ذلك مَعْفُوٌّ عنه، والمَرجِعُ في ذلك إلى العُرفِ عندَ الجُمهورِ.

وفَسَّرَ الحَنفيَّةُ الذي لا يَتغابَنُ النَّاسُ فيه: هو مَا لَا يَدخُلُ تَحتَ تَقويمِ المُقَوِّمِينَ، فما يَدخُلُ تَحتَ تَقويمِ المُقَوِّمينَ فيَسيرٌ، وما لا ففاحِشٌ؛ لأنَّ ما لَم يَرِدِ الشَّرعُ بتَحديدِه يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ؛ وذلك رِفقًا بالنَّاسِ.

وَتَفْسِيرُه كما لو وقَع البَيعُ بعَشَرةٍ مثلًا، ثم إنَّ بعضَ المُقَوِّمِينَ يَقولُ إنَّه يُساوي خَمسةً، وبعضُهم يَقولُ: يُساوي سِتَّةً، وبعضُهم يَقولُ: يُساوي سَبعةً، فهذا غَبنٌ فاحِشٌ؛ لأنَّه لَم يَدخُلْ تَحتَ تَقويمِ أحَدٍ.

بِخِلافِ ما إذا قالَ بعضُهم: يُساوي ثَمانيةً، وبعضُهم: يُساوي تِسعةً، وبَعضهم: يُساوي عَشَرةً، فهذا غَبنٌ يَسيرٌ.

وَإنَّما كانَتِ العِبرةُ بتَقويمِ المُقَوِّمِينَ؛ لأنَّهم هُمُ الذين يُرجَعُ إليهم في العُيوبِ ونحوِها مِنْ الأُمورِ التي تَقتَضي الخِبرةَ في المُعامَلاتِ (١).


(١) «رد المحتار» (٥/ ١٤٣)، و «الجَوهَرة النَّيِّرة» (٣/ ٥٠٣)، و «اللُّباب» (٢/ ٥٦٥)، وقد تقدم بيان ذلك في البيع في المجلد السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>