للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ على البَيعِ له أنْ يُطَالِبَ المُشتَرِيَ بالثَّمَنِ ويَقبِضَه مِنه ويَدفعَه لِمُوكِّلِه؛ لأنَّه مِنْ تَوابِعِ البَيعِ الذي وُكِّلَ فيهِ؛ لأنَّ قَرينةَ التَّوكيلِ تَستَلزِمُ أنْ يَكونَ لِلوَكيلِ المُطالَبةُ بالثَّمَنِ، ولِذلك لو سلَّمَ المَبيعَ ولَم يَقبِضِ الثَّمَنَ ضَمِنه، وهذا حيثُ لا عُرفَ بعَدمِ طَلَبِه، وإلَّا لَم يَلزَمْه، بَلْ ليسَ له حينَئذٍ قَبْضُه، ولا يَبرَأُ المُشتَرِي بدَفْعِ الثَّمَنِ إليه.

قالَ الْمُتَيْطِيُّ نَقلًا عن أبي عِمرانَ: ولو كانَتِ العادةُ عندَ النَّاسِ في الرِّباعِ أنَّ وَكيلَ البَيعِ لا يَقبِضُ الثَّمَنَ؛ فإنَّ المُشتَريَ لا يَبرَأُ بالدَّفعِ لِلوَكيلِ الذي باعَ، وإنَّما يُحمَلُ هذا على العادةِ الجاريةِ بينَهم. اه.

أو وكَّله بالشِّراءِ، فله أنْ يَشتَريَه ويَقبِضَه مِنْ بائِعِه ويُسلِّمَه لِلمُشتَرِي مُوكِّلِه، وإنْ ظهَر به عَيبٌ ظاهِرٌ فله رَدُّه على بائِعِه بغيرِ إذْنِ مُوكِّلِه، فالوَكالةُ على البَيعِ تَستَلزِمُ الوَكالةَ بقَبضِ الثَّمَنِ، والمُطالَبةَ به، وعلى الشِّراءِ تَستَلزِمُ الوَكالةَ على قَبضِ المَبيعِ ورَدِّه بعَيبٍ، وهذا إذا لَم يُعيِّنِ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ المَبيعَ، وأمَّا إنْ عيَّنَه له، بأنْ قالَ: اشتَرِ ليَ الشَّيءَ الفُلانيَّ؛ فإنَّه ليسَ له رَدُّه، وهذه في الوَكيلِ المَخصوصِ، أمَّا الوَكيلُ المُفَوَّضُ إليه فله أنْ يَرُدَّه على بائِعِه، ولو عيَّنَه له مُوكِّلُه.

وَقَيَّدَ اللَّخميُّ رَدَّ المَعيبِ بما إذا كانَ العَيبُ ظاهِرًا، وأمَّا إنْ كانَ خَفِيًّا، كالسَّرِقةِ ونحوِها، فلا شَيءَ على الوَكيلِ.

وإذا وكَّله على شِراءِ شَيءٍ؛ فإنَّه يُطالِبُ بثَمَنِه ما لَم يُصَرِّحْ بالبَراءةِ مِنْ دَفْعِ الثَّمنِ، وكَذلك إذا وكَّله على بَيعِ شَيءٍ؛ فإنَّه يُطالِبُ بالمُثمَّنِ، وهو المَبيعُ، ولا يُخَلِّصُه مِنْ ذلك عِلمُ البائِعِ في الأُولَى، والمُشتَرِي في الثَّانيةِ أنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>