للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدةٍ نَكِرةٍ تُطلَقُ على واحِدةٍ بعَينِها، ألَا تَرَى أنَّه يَستَقيمُ أنْ يُقالَ: هذه مِنْ إحدَى نِسائي، وقَد حصَل التَّوكيلُ مُطلَقًا مِنْ غيرِ تَقييدِ الإحدَى بالعَينيَّةِ، ولا بالجَهالةِ، فيَجوزُ على إطلاقِه، ويَصيرُ تَقديرُ المَسألةِ كَأنَّه قالَ: طَلِّقْ واحِدةً مِنْ نِسائي إنْ شِئتَ بعَينِها، وإنْ شِئتَ لا بعَينِها، ولو نَصَّ على هذا كانَ الجَوابُ كما قُلْنا: فههُنا كذلك (١).

وَسُئِلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : عن رَجُلٍ جَرى بينَه وبينَ زَوجَتِه كَلامٌ، وكانَ على عَزمِ السَّفَرِ، فقالَ لِوَكيلِه: إنْ كانَتْ تَرضَى بهذه النَّفَقةِ العادةِ فسلِّمْ إليها النَّفَقةَ، وإنْ لَم تَرضَ بالنَّفَقةِ فسلِّمْ إليها كِتابَها، والوَكيلُ بعدَما سافَرَ المُوكِّلُ سلَّمَ إليها كِتابَها وطَلَّق عليها طَلقةً رَجعيَّةً، وسَيَّرَ عِلْمَ المُوكِّلِ أنَّه قَدْ طَلَّقها طَلقةً رَجعيَّةً، فلمَّا علِم المُوكِّلُ ما هانَ عليه، فأشهَدَ على نَفْسِه أنَّه راجَعَها، وسَيَّرَ طَلبَها، فلمَّا سمِع الوَكيلُ أنَّه راجَعَ زَوجَتَه ذكَر أنَّه طَلَّق عليه ثَلاثًا، فهَل يَجوزُ لِلرَّجلِ المُراجَعةُ لِزَوجَتِه بعدَ قَولِ الوَكيلِ ذلك؟

فَأجابَ: الحَمدُ لِلَّهِ، قَوله: يُسلِّمُ إليها كِتابَها، كِنايةٌ عن الطَّلاقِ؛ فإذا قالَ المُوكِّلُ بأنَّه أرادَ به الطَّلاقَ، أو عُلِمَ ذلك بدِلالةِ الحالِ، ملَك أنْ يُطلِّقَ واحِدةً، ولَم يَملِكِ الوَكيلُ أنْ يُطَلِّقَ ثَلاثًا إلَّا بإذْنِ المُوكِّلِ، وإذا قالَ لِلوَكيلِ: لَم أُرِدْ بذلك أنَّه يُطَلِّقُها ثَلاثًا قُبِلَ قَولُه، ولَم يُمكِنِ الوَكيلَ أنْ يُطَلِّقَها ثَلاثًا،


(١) «المحيط البرهاني» (٣/ ٤٩٦، ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>