قالَ الحَنفيَّةُ: لا بدَّ أنْ يَكونَ الوَكيلُ مَعلومًا؛ فلا يَصحُّ تَوكيلُ المَجهولِ، فقَولُ الدَّائِنِ لِمَدينِه: مَنْ جاءَكَ بعَلامةِ كذا، أو مَنْ أخَذَ أُصبُعُكَ، أو قالَ لَكَ: كذا، فادفَعْ إليه ما لي عَلَيكَ، لَم يَصحَّ؛ لأنَّه تَوكيلٌ مَجهولٌ، فلا يَبرَأُ بالدَّفعِ إليه (١).
نَعم، لو قالَ: وَكَّلتُكَ في بَيعِ كذا مثلًا، وكلَّ مُسلِمٍ، صَحَّ، فيما يَظهَرُ، وعليه العَملُ.
قالَ الرَّمليُّ ﵀: ونقَله النَّوَويُّ في فَتاوِيه عن الأصحابِ قالَ: ولا يَنفُذُ تَصرُّفُ أحَدٍ فيها، اعتِمادًا على هذا إذا كانَ التَّوكيلُ في شَيءٍ يَتعلَّقُ بعَينِ الوَكيلِ فيه غَرَضٌ، كالتَّوكيلِ في البَيعِ ونحوِه؛ فإنَّه يَتعلَّقُ بتَعيينِه غَرَضٌ مِنْ العُهدةِ والرُّجوعِ ونحوِهِما، فلَو كانَ في شَيءٍ لا يَتعلَّقُ به غَرَضٌ، كالعِتقِ ونحوِه، قالَ السُّبكيُّ: فيَنبَغي أنْ يَصحَّ؛ فإذا قالَ: وَكَّلتُ كلَّ مَنْ أرادَ في عِتقِ عَبدِي هذا، أو في تَزويجِ أَمَتِي هذه، فلا مَنعَ مِنْ الصِّحَّةِ، ويَشهَدُ لِهذا أنَّ تَعميمَ المُوكَّلِ فيه لا يَصحُّ، إلَّا في مُخاصَمةِ الخُصَماءِ؛ لِعدمِ الغَرَرِ، فكذا هذا، قالَ: ومِن المَسائِلِ الواقِعةِ في هذا الزَّمانِ أنْ تَأذَنَ مَنْ لا وَليَّ لها لِكُلِّ عاقِدٍ في البَلَدِ في تَزويجِها، وقَد أنتَجَ هذا البَحثُ الذي ذَكَرتُه صِحَّةَ هذا الإذْنِ؛ إذْ لا غَرَضَ لها في أعيانِ العُقَّادِ، قالَ الأذرَعيُّ: وما ذكَره يَنبَغي إنْ صَحَّ أنْ يَكونَ مَحَلُّه فيما إذا عيَّنتِ الزَّوجَ ولَم تُفَوِّضْ إلَّا صِيغَةَ العَقدِ فَقط، والظَّاهِرُ أنَّه مُرادٌ، وأفتَى ابنُ الصَّلاحِ فيما إذا أذِنَتْ في أنْ يُزوِّجَها العاقِدُ في البَلَدِ بزَوجٍ مُعيَّنٍ بكذا، بأنَّه إنِ اقتَرَنَ بإذْنِها قَرينةٌ تَقتَضي التَّعيينَ، بأنْ سبَق ذِكْرُ مُعيَّنٍ، أو كانَتْ تَعتَقِدُ أنْ ليسَ فيه غيرُ واحِدٍ، لَم يَجُزْ لِكُلِّ عاقِدٍ تَزويجُها،