للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أنَّ كلَّ مَذهبٍ عندَه تَفصيلٌ في هذا، وبَيانُه على النحوِ التَّالي:

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا قالَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ: وَكَّلتُكَ بكذا، على أنِّي متى عَزَلتُكَ فأنتَ وَكيلي، صَحَّ، ويَقولُ في عَزلِه: عَزلتُكَ، ثم عَزَلتُكَ؛ لأنَّ الوَكالةَ يَجوزُ تَعليقُها بالشَّرطِ، فيَجوزُ تَعليقُها بالعَزلِ عن الوَكالةِ؛ فإذا عزَله انعزَل عن الوَكالةِ المُنجَزةِ، وتَنَجَّزَتِ المُعلَّقةُ، فصارَ وَكيلًا جَديدًا، ثم بالعَزلِ الثَّاني انعزَل عن الوَكالةِ الثَّانيةِ ولا يَصيرُ وَكيلًا بعدَ ذلك إلَّا بتَوكيلٍ جَديدٍ؛ لأنَّ مَنْ علَّق التَّوكيلَ بشَرطٍ، ثم عزَله عن الوَكالةِ قبلَ وُجودِ الشَّرطِ، يَنعزِلُ الوَكيلُ، ولا يَصيرُ وَكيلًا بعدَ ذلك بوُجودِ الشَّرطِ.

ولو قالَ: كلَّما عَزَلتُكَ فأنتَ وَكيلي وَكالةً مُستَقبَلةً فعزَله يَنعزِلُ، ولكنَّه يَصيرُ وَكيلًا ثانيًا وَكالةً مُستَقبَلةً، كما شرَط؛ لأنَّ تَعليقَ الوَكالةِ بالشَّرطِ جائِزٌ.

وقالَ بعضُهم في التَّوكيلِ المُعلَّقِ: لا يَملِكُ العَزلَ قبلَ وُجودِ الشَّرطِ، ويَكونُ الوَكيلُ على وَكالَتِه بعدَ العَزلِ وَكالةً مُستَقبَلةً؛ لأنَّه كلَّما عزَله تَجدَّدتْ وَكالَتُه؛ فإنَّ تَعليقَ الوَكالةِ بالشَّرطِ صَحيحٌ.

والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّه لمَّا ملَك العَزلَ في المُرسَلِ، ففي المُعلَّقِ أَوْلَى.

وَطَريقُ عَزلِه أنْ يَقولَ: عَزَلتُكَ عن جَميعِ الوَكالاتِ، فيَنصَرِفَ ذلك إلى المُعلَّقِ والمُنجَزِ؛ لأنَّا لو لَم نُجِزْ ذلك أدَّى إلى تَغييرِ حُكمِ الشَّرعِ بجَعلِ الوَكالةِ مِنْ اللَّوازِمِ، وذلك باطِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>