وَدخَل فيما يَدُلُّ عُرفًا الإشارةُ مِنْ الأخرَسِ، وتَصحُّ بالكِتابةِ؛ لِمَا رَواه البُخاريُّ مُعلَّقًا، في بابِ: وَكالةُ الشَّاهِدِ والغائِبِ جائِزةٌ: «وَكَتَبَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو إلى قَهرَمانِه وهو غائِبٌ عنه أنْ يُزكِّيَ عن أهلِه الصَّغيرِ والكَبيرِ»(١).
فَما لا يَدُلُّ على الصِّيغةِ عُرفًا ويَدُلُّ عليها لُغةً لا يَكونُ مِنْ صيغَتِها؛ فلا تَصحُّ بمُجَرَّدِ: وَكَّلتُكَ؛ لأنَّه لا يَدُلُّ عُرفًا على شَيءٍ، بَلْ حتى يُفَوِّضَ أو يُخَصِّصَ، فقَولُ المُوكِّلِ لِوَكيلِه: وَكَّلتُكَ، أو: فُلانٌ وَكيلي، لا يُفيدُه، وتَكونُ وَكالةً باطِلةً، بَلْ حتى يَقولَ: فَوَّضتُ إلَيكَ أُموري في كلِّ شَيءٍ، أو أقَمتُكَ مَقامي، أو نحوَ ذلك، أو يُقيِّدَ بأمْرٍ مَخصوصٍ، كَنِكاحٍ أو شِراءٍ.
وإذا كانَ لَفظُ المُوكِّلِ عامًّا؛ فإنَّه يَتخصَّصُ بالعُرفِ، كما إذا قالَ: وَكَّلتُكَ على بَيعِ دَوابِّي، وكانَ العُرفُ يَقتَضي تَخصيصَ ذلك ببعضِ أنواعِ الدَّوابِّ؛ فإنَّه يَتخصَّصُ، وكذا إذا قالَ: وَكَّلتُكَ على بَيعِ هذه السِّلعةِ؛ فإنَّ هذا اللَّفظَ عامٌّ في بَيعِها في كلِّ مَكانٍ وزَمانٍ؛ فإذا كانَ العُرفُ إنَّما تُباعُ هذه السِّلعةُ في سوقٍ مَخصوصٍ، أو في زَمانٍ مَخصوصٍ، فيُخصَّصُ هذا العُمومُ، وكذا إذا كانَ الشَّيءُ المُوكَّلُ عليه مُطلَقًا؛ فإنَّه يَتقيَّدُ بالعُرفِ، كما لو قالَ: اشتَرِ لي؛ فإنَّه يَتقيَّدُ بما يَليقُ به ولا يَتجاوَزُه الوَكيلُ إلى غيرِ ما وُكِّلَ عليه،