فَأمَّا الجَوابُ عن قَولِه ﷺ:«كَسْبُ الحَجَّامِ خَبيثٌ»، فهو أنَّ اسمَ الخُبثِ يَتناوَلُ الحَرامَ تارَةً، والدَّنيءَ أُخرَى، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ يعني الدَّنيءَ، وكقَولِه مِنْ بَعدُ: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة: ٢٦٧]؛ فيُحمَلُ على الدَّنيءِ دونَ الحَرامِ؛ بدَليلِ ما قُلْناه، وليس هو إلى الحَرامِ بمُوجِبٍ لِاشتِراكِهما في حُكمِ التَّحريمِ؛ لأنَّه لَمَّا ضُمَّ إلى ما يَحرُمُ على الأحرارِ والعَبيدِ -وهذا لا يَحرُمُ على العَبيدِ- جازَ ألَّا يَحرُمَ على الأحرارِ.
فإذا ثبَتَ أنَّه ليس بحَرامٍ، فهو مَكروهٌ، واختَلفَ أصحابُنا في عِلةِ كَراهَتِه على وجهيْنِ: