الزِّيادةِ، ولا يُصارُ إلى التَّحالُفِ بعدَ استِيفاءِ المَنفَعةِ؛ لِخُلُوِّهِ مِنْ الفائِدةِ.
وَإنِ اختَلفا قبلَ أنْ يَزرَعَ شَيئًا تَحالَفا، وتُرَدُّ اليَمينُ عليه أيضًا، وهُنا أوَّلُ المُزارَعةِ؛ لأنَّ المُزارَعةَ عَقدٌ مُحتَمِلٌ لِلفَسخِ، فإذا اختَلفا في مِقدارِ البَدَلِ فيه حالَ قيامِ المَعقودِ عليه تَحالَفَا، وتَرادَّا، وأيُّهما نَكَلَ عن اليَمينِ لَزِمَه دَعوَى صاحِبِه؛ لأنَّ نُكولَه كَإقرارِه، وإنْ أقاما البيِّنةَ قبلَ التَّحالُفِ أو بَعدَه، فالبيِّنةُ بيِّنةُ المُزارَعِ؛ لأنَّها مُثبِتةٌ لِلزِّيادةِ، واليَمينُ الفاجِرةُ أحَقُّ أنْ تُرَدَّ مِنْ البيِّنةِ العادِلةِ.
وَلَوِ اختَلفا والبَذْرُ مِنْ العامِلِ، وقَد أخرَجَتِ الأرضُ الزَّرعَ، فالقولُ قولُ العامِلِ؛ لأنَّ ربَّ الأرضِ هو الذي يَستَحقُّ الخارِجَ عليه بالشَّرطِ، فإذا ادَّعَى زيادةً فيما شُرِطَ له كانَ عليه أنْ يُثبِتَ تلك الزِّيادةَ بالبيِّنةِ، وعَلَى الآخَرِ اليَمينُ؛ لِإنكارِه، وإنِ اختَلفا قبلَ أنْ يَزرَعَ تَحالَفَا (١).
وقالَ المالِكيَّةُ: إذا اختَلفَ العَملُ والمالِكُ بعدَ العَملِ في الجُزءِ المُشترَطِ لِلعاملِ فقالَ: «دَخَلْنا على النِّصفِ» مثلًا، وقالَ ربُّ الحائِطِ: «دَخَلْنا على الرُّبُعِ مثلًا»، والحالُ أنَّهما لَم يُشبِهْ واحِدٌ مِنهما؛ فأنَّهما يَتحالَفانِ -أي: يَحلِفُ كلٌّ على ما يدَّعيه مع نَفْيِ دَعوَى صاحِبِه- ويُرَدُّ العامِلُ لِمُساقاةِ مِثلِه، ومِثلُه إذا نَكَلَا، ويُقضَى لِلحالِفِ على النَّاكِلِ، فإنْ أشبَها معًا فالقولُ لِلعاملِ مع يَمينِه؛ لأنَّ اليَمينَ تَجِبُ على أقوَى المُتداعِيَيْنِ سَبَبًا، وههُنا العامِلُ أقوَى سَبَبًا لِتَسليمِ الحائِطِ والعَملِ فيه، ولأنَّ ذلك كاختِلافِ البائِعِ والمُشتَرِي في الثَّمنِ بعدَ قَبضِ السِّلعةِ، وقَد ذَكَرْناه.
(١) «المبسوط» (٢٣/ ٨٨، ٨٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute