للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: تَصحُّ مُساقاةُ شَجرٍ وإنْ بَعْلًا؛ لأنَّ ما فيه مِنْ المُؤَنِ والكُلفةِ يَقومُ مَقامَ السَّقْيِ، والبَعلُ هو الذي لا سَقْيَ فيه، بَلْ يُسقَى مِنْ عُروقِه مِنْ غيرِ سَيْحٍ ولا عَينٍ، بِشَرطِ ألَّا يُخلِفَ؛ فإنْ كانَ يُخلِفُ، كالمَوزِ، ممَّا يُخلِفُ قبلَ قَطعِ البَطنِ الأولِ ولا يَنتَهي، وكالبَقلِ والرَّيحانِ والكُرَّاثِ؛ فلا تَصحُّ فيه مُساقاةٌ، إلَّا تَبَعًا لِغَيرِها. لأنَّ المُرادَ بالشَّجرِ الأُصولُ، وهذه لَها أُصولٌ، وإذا جُذَّتِ أخلَفَتْ، وإنَّما مَنَعوا مُساقاةَ البَقلِ وما مَعَه؛ لِبُعدِه عن مَحَلِّ النَّصِّ، وهو الشَّجرُ.

فَيُشترَطُ في الأُصولِ التي تَجوزُ مُساقَاتُها أنْ تَكونَ ممَّا تُجنَى ثَمرَتُه، ولَم تُخلِفْ، فإنْ كانَتْ تُخلِفُ، كالمَوزِ والقَصَبِ والقُرطِ -ما يُرعَى مِنْ العُشبِ- والبَقلِ، فلا يَجوزُ؛ لأنَّه بَطنٌ بعدَ بَطنٍ، وجُزءٌ بعدَ جُزءٍ.

فالمُساقاةُ على ثَلاثةِ أوْجُهٍ، كما يَلي:

١ - أُصولٌ ثابِتةٌ يُجدُّ ثَمرتُها ويَبقَى أصْلُها، فهي جائِزةٌ، عجزَ عَنها رَبُّها أو لا.

٢ - أُصولٌ تُجدُّ -تُجنَى- ثم تُخلِفُ، فلا تُساقَى في عَجزٍ ولا غَيرِه.

٣ - شَيءٌ تَزولُ أُصولُه، كالزَّرعِ وغَيرِه، فلا يُساقَى إلَّا عندَ العَجزِ (١).


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٣١٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٤٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٧، ٢٢٨)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣١٥)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>