بنَفْسِها، وعَقدٌ على حِيالِه، حتى لَو قالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: استَأجَرتُكَ على عَملِ حائِطِي هَذا، أو سَقْيِه بنِصفِ ثَمرَتِه، لَم يَجُزْ على مَذهبِهِ؛ كَما لا تَجوزُ الإجارةُ بلَفظِ المُساقاةِ، قالَ ابنُ رُشدٍ، وكَلامُ ابنِ القاسِمِ أصَحُّ، لأنَّ المُساقاةَ والإجارةَ أصْلانِ، وأحكامُهما مُفتَرِقةٌ، فلا يَنعَقِدُ أصْلٌ مِنهما بلَفظِ الآخَرِ.
وَلأنَّ الجائِحةَ في المُساقاةِ تُذهِبُ عَملَه باطِلًا، وفي الإجارةِ له أجْرُ مِثلِه، فَهُما بابانِ مُتبايِنانِ؛ فلا يُعَبَّرُ بلَفظِ أحَدِهِما عن الآخَرِ (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: صِيغةُ المُساقاةِ: ساقَيتُكَ على هذا النَّخلِ أو العِنَبِ بكَذا مِنْ ثَمرِه، كَنِصفِه؛ لأنَّه المَوضوعُ لَها، وهذه أصرَحُ الألفاظِ، وهي أُمُّ البابِ. أو سَلَّمتُه إلَيكَ لتَتعهَّدَه، أو اعمَلْ في نَخيلي، أو تَعهَّدْ نَخيلي بكَذا؛ لِأدائِه مَعناه، وهذه الثَّلاثةُ تَحتَمِلُ أنْ تَكونَ كِنايةً، وتَحتَمِلُ أنْ تَكونَ صَريحةً، ومِثلُ النَّخلِ في ذلك العِنَبُ.
(١) «المقدمات الممهدات» (٢/ ٥٥٢)، و «الذخيرة» (٦/ ١٠٤، ١٠٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٤٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٩)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٣٦).