للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِراضًا آخَرَ مُؤتَنِفًا على المَشهورِ، ومَعلومٌ أنَّ الجَبرَ إنَّما يَكونُ إذا بَقيَ شَيءٌ مِنَ المالِ؛ فإنْ تَلِف جَميعُه فأتاه رَبُّه ببَدَلِه فرَبِح الآخَرُ فلا يَجبُرُ رِبحُه الأولَ؛ لأنَّه قِراضٌ ثانٍ، وهو ظاهِرٌ.

ونقَل ابنُ حَبيبٍ عن مالِكٍ وغَيرِه ممَّن لَقِيَه مِنْ أصحابِ مالِكٍ: أنَّه إذا أخبَرَه بما نقَص، وقال: «اعمَلْ بما بَقيَ وقد أسقَطتُ عنكَ قِراضَ ما ذهَب»، فهو قِراضٌ مُؤتَنِفٌ.

وإذا دفَع رَبُّ المالِ لِلعامِلِ المالَ ثم اشتَرى العامِلُ سِلعةً ثم ضاعَ المالُ فرَبُّ المالِ مُخيَّرٌ بينَ أنْ يُخلِفَه -أي: يَدفَعَ بَدَلَ ما تَلِف لِلعامِلِ لِيَتَّجِرَ به- أو ألَّا يُخلِفَه، سَواءٌ تَلِف بَعضُه أو كلُّه، وسَواءٌ كان التَّلفُ قبلَ العَملِ أو بَعدَه؛ فإنْ أخلَفَه رَبُّ المالِ لَزمَ العامِلَ القَبولُ إنْ تَلِف بَعضُه، لا كلُّه إنْ كان التَّلفُ بعدَ العَملِ، وإنْ تَلِف قبلَ العَملِ لَم يَلزَمْه؛ لأنَّ لكلٍّ منهما الفَسخُ قبلَ العَملِ.

وفي تَلَفِ الجَميعِ يَكونُ الثاني قِراضًا مُؤتَنِفًا ولا يُجبَرُ خُسرُ الأولِ بالثاني وفي تَلَفِ بَعضِه يَكونُ رأسُ المالِ الأولِ، ويُجبَرُ خُسرُ الأولِ بالثاني.

وإذا اشتَرى العامِلُ سِلعةً لِلقِراضِ فذهَب لِيأتيَ لِبائِعِها بثَمَنِها فوَجَد المالَ قد ضاعَ وأبى رَبُّ المالِ خَلَفه لَزِمت العامِلَ السِّلعةُ التي اشتَراها إنْ تَلِف الجَميعُ حيث لَم يُخلِفْ رَبُّ المالِ ما تَلِف أو أخلَفَه وأبَى العامِلُ قَبولَه فيَكونُ له رِبحُها وخَسارتُها، وأمَّا إذا أخلَفَ رَبُّ المالِ ما تَلِف وقَبِله العامِلُ؛ فإنَّها تَكونُ على القِراضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>