للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾، وظاهِرُه أنَّ المُرادَ المَوصوفةُ أولًا وهي المِرفقُ، وهذا المُطلقُ مَحمولٌ على ذلك المُقيدِ، لا سيَّما وهي آيةٌ واحِدةٌ.

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ: إنَّ اللهَ تَعالى أوجَبَ طَهارةَ الأَعضاءِ الأربَعةِ في الوُضوءِ في أولِ الآيةِ، ثم أسقَطَ منها عُضوَين في التَّيممِ في آخِرِ الآيةِ، فبَقيَ العُضوانِ في التَّيممِ على ما ذُكِرا في الوُضوءِ؛ إذْ لو اختَلَفا لبَيَّنهما، وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على أنَّ الوَجهَ يُستوعَبُ في الوُضوءِ فكذا اليَدانِ، وأيضًا القياسُ أنَّ البَدلَ يَكونُ بمِثلِه.

واحتَجُّوا على ذلك بما رَواه جابِرٌ وابنُ عُمرَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «التَّيممُ ضَربةٌ للوَجهِ وضَربةٌ لليَدينِ إلى المِرفَقينِ» (١).

وعن أبي جُهيمٍ الأنصاريِّ قالَ: «أقبَلَ النَّبيُّ من نَحوِ بِئرِ جَملٍ فلَقيَه رَجلٌ فسلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه النَّبيُّ حتى أقبَلَ على الجِدارِ فمسَحَ بوَجهِه ويَدَيه ثم رَدَّ عليه السَّلامَ» والحَديثُ في الصَّحيحَينِ (٢)، قالوا: (وهو مُجملٌ) فسَّره ابنُ عُمرَ في رِوايتِه، قالَ: «مَرَّ رَجلٌ على رَسولِ اللهِ في سِكةٍ من السَّككِ وقد خرَجَ من غائِطٍ أو بَولٍ، فسلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه حتى إذا كادَ الرَّجلُ أنْ يَتوارى في السِّكةِ ضرَبَ بيَدَيه على الحائِطِ ومسَحَ بهما وَجهَه ثم ضرَبَ ضَربةً أُخرى فمسَحَ ذِراعَيه ثم رَدَّ على


(١) ضَعِيفٌ جدًّا: رواه الدارقطني (٦٨٥)، والحاكم في «المستدرك» (٦٣٣).
(٢) رواه البخاري (٣٣٠)، ومسلم (٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>