للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعَمرِو بنِ العاصِ لمَّا أصابَته جَنابةٌ فتَيممَ وصلَّى بأَصحابِه فقالَ له : «صلَّيتَ بأَصحابِكَ وأنتَ جُنبٌ؟» (١).

ولو نَوى فَرضَ التَّيممِ أو فَرضَ الطُّهرِ أو التَّيممِ المَفروضِ، أو الطَّهارةَ عن الحَدثِ فوَجهانِ: أحدُهما: يَكفي كالوُضوءِ. وأصَحُّهما: لا يَكفي، والفَرقُ أنَّ الوُضوءَ قُربةٌ مَقصودةٌ في نَفسِها، ولهذا يُندبُ تَجديدُه، بخِلافِ التَّيممِ؛ فإنَّه لا يُندبُ تَجديدُه، ولو اقتصَرَ على نيةِ التَّيممِ لم يُجزِئْه، قالَه الماوَرديُّ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَنوي استِباحةَ ما لا يُباحُ إلا به ويَجبُ تَعيُّنُ النِّيةِ لمَا تَيممَ له كصَلاةٍ أو طَوافٍ أو مَسِّ مُصحفٍ من حَدثٍ أصغَرَ أو حَدثٍ أكبَرَ أو نَجاسةٍ على بَدنِه؛ لأنَّ التَّيممَ لا يَرفعُ الحَدثَ وإنَّما يُبيحُ الصَّلاةَ، فلا بدَّ من تَعيينِ ما يَتيممُ له من الحَدثِ المُوجبِ للغُسلِ أو الوُضوءِ أو النَّجاسةِ تَقويةً لضَعفِه، وصِفةُ التَّعيينِ أنْ يَنويَ استِباحةَ صَلاةِ الظُّهرِ مَثلًا من الجَنابةِ إنْ كانَ جُنبًا أو مِنْ الحَدثِ إنْ كانَ مُحدِثًا، أو منهما إنْ كانَ جُنبًا مُحدِثًا؛ فإنْ تَيممَ للحَدثِ ونَسيَ الجَنابةَ أو للجَنابةِ ونَسيَ الحَدثَ لم يُجزئْه لقَولِه : «إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ» ولأنَّ ذلك لا يُجزئُ في الماءِ، وهو الأصلُ، ففي البَدلِ أَولى (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٣٤)، وأحمد (١٧٨٤٥)، والحاكم في «المستدرك» (٢٦٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠١١).
(٢) «روضة الطالبين» (١/ ١١، ١١١)، و «مغني المحتاج» (١/ ٩٧، ٩٨، ٢٧٨)، و «كفاية الأخيار» ص (٩٩).
(٣) «المغني» (١/ ٣٢٦)، و «الكافي» (١/ ٦٤)، و «كشاف القناع» (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>