للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنفيَّةُ: إنَّما يَستحِقُّ المُضارِبُ الرِّبحَ بالقِسمةِ وشَرطُ جَوازِ القِسمةِ قَبضُ رأسِ المالِ، فلا تَصِحُّ قِسمةُ الرِّبحِ قبلَ قَبضِ رأسِ المالِ حتى لو دفَع إلى رَجلٍ ألفَ دِرهَمٍ مُضارَبةً بالنِّصفِ فرَبِح ألفًا فاقتَسما الرِّبحَ ورأسُ المالِ في يَدِ المُضارِبِ لَم يَقبِضْه رَبُّ المالِ فهَلَكت الألفُ التي في يَدِ المُضارِبِ بَعدَ قِسمَتِهما الرِّبحَ؛ فإنَّ القِسمةَ الأُولى لَم تَصحَّ، وما قبَض رَبُّ المالِ فهو مَحسوبٌ عليه مِنْ رأسِ مالِه، وما قبَضه المُضارِبُ دَينٌ عليه يَرُدُّه إلى رَبِّ المالِ حتى يَستوفيَ رَبُّ المالِ رأسَ مالِه ولا تَصحُّ قِسمةُ الرِّبحِ حتى يَستوفيَ رَبُّ المالِ رأسَ المالِ والأصلُ في اعتبارِ هذا الشَّرطِ ما رُويَ مَرفوعًا أنَّه قال: «مَثَلُ المُؤمِنِ مَثَلُ التاجِرِ، لا يَسلَمُ له رِبحُه حتى يَسلَمَ له رأسُ مالِه، كذلك المُؤمِنُ لا تَسلَمُ له نَوافِلُه حتى تَسلَمَ له عَزائِمُه» (١) فدَلَّ الحَديثُ على أنَّ قِسمةَ الرِّبحِ قبلَ قَبضِ رأسِ المالِ لا تَصحُّ، ولأنَّ الرِّبحَ زِيادةٌ، ولأنَّ الزِّيادةَ على الشَّيءِ لا تَكونُ إلا بعدَ سَلامةِ الأصلِ، ولأنَّ المالَ إذا بَقيَ في يَدِ المُضارِبِ فحُكمُ المُضاربةِ بحالِها، فلو صَحَّحنا قِسمةَ الرِّبحِ لَثَبتت قِسمةُ الفَرعِ قبلَ الأصلِ، فهذا لا يَجوزُ، وإذا لَم تَصحَّ القِسمةُ فإذا


(١) ذكَره الكاساني في «بدائع الصانع» (٦/ ١٠٧)، ولَم أَعثُرْ على مَنْ رَواه مِنْ العُلماءِ في كُتبِ الحَديثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>