للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُستقِرٍّ؛ لأنَّ الرِّبحَ وِقايةٌ لِرأسِ المالِ. فلو اتَّفقَ خُسرانٌ، كان مِنَ الرِّبحِ دونَ رأسِ المالِ ما أمكَنَ.

ولو اقتَسَما الرِّبحَ بالتَّراضي قبلَ فَسخِ العَقدِ، لَم يَحصُلْ الاستِقرارُ، بل لو حصَل خُسرانٌ بَعدَه، كان على العامِلِ جَبرُه بما أخَذَ.

وذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَملِكُه إلا بالقِسمةِ؛ لأنَّ العامِلَ لو ملَك شَيئًا مِنَ المالِ قَبلَ القِسمةِ لوَجَب أنْ يَكونَ شَريكًا لِرَبِّ المالِ كشَريكَيِ العِنانِ حتى لو تَلِف شَيءٌ مِنَ المالِ لَكان مَحسوبًا مِنَ المالَيْن فلَمَّا كان التالِفُ مَحسوبًا مِنَ الرِّبحِ دلَّ على أنَّه لا يَملِكُ شَيئًا مِنَ المالِ، ولأنَّ الرِّبحَ وِقايةٌ لِرأسِ المالِ.

ولأنَّه لو كان رأسُ المالِ ألفَيْن، فاشتَرى به عَبدَيْن، قيمَةُ كلِّ واحِدٍ ألفانِ، فأعتَقَ العامِلُ أحَدَهما، لَم يُعتَقْ؛ لأنَّه لا يَملِكُ فيهما شَيئًا، والعِلَّةُ فيه أنَّ المُقاسَمةَ لَم تَحصُلْ، فلَم يُلتَفت إلى الرِّبحِ في هذه الحالةِ.

ولأنَّه لو اشتَرى بالمالِ عَبدَيْن كلُّ واحِدٍ يُساويه فأعتَقَهما رَبُّ المالِ عِتقًا ولَم يَضمَنْ لِلعامِلِ شَيئًا.

قال الشافِعيَّةُ: وعلى هذا القَولِ له فيه حَقٌّ مُؤكَّدٌ حتى يُورَث عنه؛ لأنَّه -وإنْ لَم يَملِك فقد ثبَت له حَقُّ التَّملُّكِ-، ويُقدَّم على الغُرماءِ؛ لِتَعلُّقِ حَقِّه بالعَينِ، وله أنْ يَمتَنعَ مِنَ العَملِ بعدَ ظُهورِ الرِّبحِ، ويَسعَى في التَّنضيضِ؛ لِيأخُذَ منه حَقَّه، ولو أتلَف المالِكُ المالَ، غُرِّمَ حِصَّةَ العامِلِ، وكان الإتلافُ كالاستِردادِ (١).


(١) ينظر: «التنبيه» للشيرازي (١٢٠)، و «البيان» (٧/ ٢١٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٦، ٧٥٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٥٤، ٣٥٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٨)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٧)، و «بدائع الصانع» (٦/ ١٠٧، ١٠٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٧٦) رقم (١٠٢٤)، و «المغني» (٥/ ٣٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٤٧)، و «المبدع» (٥/ ٣١)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٨٠، ٥٨١)، و «مطالب أولى النهي» (٣/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>