للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: وكانَ سَببُ أَخذِه في الفقهِ أنَّه كانَ يومًا يَسيرُ على دابَّةٍ له، خلفَه كاتِبُ أَبي، فتَمثَّلَ الشافِعيُّ ببَيتِ شِعرٍ، فقرَعَه كاتبُ أَبي بسَوطٍ، ثم قالَ له: مِثلُك تَذهبُ مُروءَتُه في مثلِ هذا! أينَ أنتَ عن الفقهِ؟ قالَ: فهَزَّه ذلك، فقصَدَ مُجالسَة الزّنجِيِّ ابنِ خالدٍ -وكانَ مُفتي مَكةَ-، ثم قدِمَ علينا، فلزِمَ، مالِكَ بنَ أَنسٍ (١).

ورَوى البَيهقيُّ كذلك عن أَبي بَكرٍ الحُميديِّ، فقالَ: قالَ الشافِعيُّ: خرَجتُ أَطلُبُ النَّحوَ والأَدبَ، فلقِيَني مُسلمُ بنُ خالدٍ، فقالَ: يا فَتى، مِنْ أين أنتَ؟ قلتُ: من أهلِ مَكةَ. قالَ: وأين مَنزلُك بها؟ قلتُ: بشِعبِ الخَيفِ، قالَ: من أيِّ قَبيلةٍ أنتَ؟ قلتُ: من وَلدِ عبدِ مَنافٍ، فقالَ: بَخٍ بَخٍ، لقد شرَّفَك اللهُ في الدُّنيا والآخرَةِ، ألا جعَلتَ فَهمَك هذا في الفقهِ، كانَ أَحسَنَ بك؟! (٢)

قالَ الذَّهبيُّ: وعن الشافِعيِّ قالَ: أَتيتُ مالِكًا وأَنا ابنُ ثَلاثَ عشْرةَ سَنةً -كذلك قالَ، والظاهِرُ أنَّه كانَ ابنَ ثَلاثٍ وعِشرينَ سَنةً- قالَ: فأَتيتُ ابنَ عمٍ لي والِي المَدينةِ فكلَّمَ مالِكًا فقالَ: اطلُبْ من يَقرأُ لك قلتُ: أنا أَقرأُ فقرَأتُ عليه فكانَ ربَّما قالَ لي لشيءٍ قد مَرَّ أُعدْه فأُعيدُه حِفظًا فكأنَّه أَعجَبَه ثم سأَلتُه عن مَسألةٍ فأَجابَني ثم أُخرى فقالَ: أنت تُحبُّ أن تَكونَ قاضِيًا (٣).


(١) «مناقب الشافعي» (١/ ٩٦)، بتحقيق السيد/ أحمد صقر.
(٢) «مناقب الشافعي» للبيهقي (١/ ٩٧).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ١٢) وهو «مناقب الشافعي» للبيهقي (١/ ١٠١) وفيه: «أنت يَجبُ أن تَكونَ قاضِيًا» فلعلَّه فيه تَصحيفٌ، ورواه أَبو نُعيم في «الحلية» مُختصرًا (٩/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>