للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمُضارِبُ على ذلك؛ لأنَّ ما له حَملٌ إذا احتاجَ إلى رَدِّه يَلزَمُه مُؤنةُ الرَّدِّ فيَتضَرَّرُ به ولا مُؤنةَ تَلزَمُه فيما لا حَملَ له.

وقد قال أبو يُوسُفَ عن أبي حَنيفةَ : إنَّه إذا دفَع إليه المالَ بالكوفةِ وهُما مِنْ أهلِها؛ فإنَّ أبا حَنيفةَ قال: ليس له أنْ يُسافِرَ بالمالِ، ولو كان الدَّفعُ في مِصرٍ آخَرَ غَيرِ الكوفةِ فلِلمُضارِبِ أنْ يَخرجَ به حيثُ شاءَ.

ووَجهُ رِوايةِ أبي يُوسُفَ عنه أنَّ المُسافَرةَ بالمالِ مُخاطَرةٌ به، فلا يَجوزُ إلا بإذنِ رَبِّ المالِ نَصًّا أو دِلالةً؛ فإذا دفَع المالَ إليه في بَلَدِهما ولَم يأذنْ له بالسَّفرِ نَصًّا ودِلالةً لَم يَكُنْ له أنْ يُسافِرَ، وإذا دفَع إليه في غَيرِ بَلَدِهما فقد وَجَد دِلالةَ الإذنِ بالرُّجوعِ إلى الوَطنِ؛ لأنَّ العادةَ أنَّ الإنسانَ لا يأخُذُ المالَ مُضارَبةً ويَترُكُ بَلَدَه، فكان دَفعُ المالِ في غَيرِ بَلَدِهما رِضًا بالرُّجوعِ إلى الوَطَنِ، فكان إذنًا دِلالةً.

وذهَب اللَّخميُّ مِنَ المالِكيَّةِ إلى أنَّ العامِلَ إذا كان مِنْ شأنِه السَّفرُ فلَه ذلك، وإلا فلا (١).


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٧١، ٨٨)، و «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٤/ ٤١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٥، ٤٤٦)، و «الاختيار» (٣/ ٢٤)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٦٨)، و «المدونة الكبرى» (١٢/ ١١٩)، و «الإشراف» (٣/ ١٧١، ١٧٢) رقم (١٠٢١)، و «المنتقى شرح الموطأ» (٥/ ١٧٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٩١)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢١٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٢٠)، «حاشية الصاوي» (٨/ ٤٠٧)، و «الإقناع» للماوردي (١٠٩)، و «العباب» (٧٩٠)، و «البيان» (٧/ ٢١١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٤، ٧٥٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٥٣)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ٢٦٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٧)، «المغني» (٥/ ٢٤)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ١١)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٨، ٤١٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٧، ٥٨٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣، ٥٥٤)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>