تَبِعْ إلا لِزَيدٍ، ولا تَشتَرِ إلا منه»؛ لِإخلالِه بالمَقصودِ؛ لأنَّ المَتاعَ المُعيَّنَ قد لا يَربَحُ، والنادِرَ قد لا يَجِدُه، والشَّخصَ المُعيَّنَ قد لا يُعامِلُه، وقد لا يَجِدُ عندَه ما يُظَنُّ أنَّ فيه رِبحًا.
أمَّا النَّوعُ الذي لا يَندُرُ وُجودُه؛ فإنَّه يَصحُّ، ولو كان يَنقطِعُ، كالفَواكِه الرَّطبةِ؛ لِانتِفاءِ الضِّيقِ، وكذا إنْ ندَرَ، وكان بمَكانٍ يُوجدُ فيه في الأغلَبِ، ولو نَهاه عن هذه الأُمورِ صَحَّ؛ لأنَّه يُمكِنُه شِراءُ غَيرِ هذه السِّلعِ، والشِّراءُ والبَيعُ مِنْ غَيرِ زَيدٍ (١).
وقال ابنُ رُشدٍ ﵀: واختلَفوا في المُقارِضِ، يَشتَرطُ رَبُّ المالِ عليه خُصوصَ التَّصرُّفِ، مِثلَ أنْ يَشترطَ عليه تَعيينَ جِنسٍ ما مِنَ السِّلعِ، أو تَعيينَ جِنسٍ ما مِنَ البَيعِ، أو تَعيينَ مَوضِعٍ ما لِلتِّجارةِ، أو تَعيينَ صِنفٍ ما مِنَ الناسِ يَتَّجِرُ معهم، فقال مالِكٌ والشافِعيُّ في اشتِراطِ جِنسٍ مِنَ السِّلعِ: لا يَجوزُ ذلك إلا أنْ يَكونَ ذلك الجِنسُ مِنَ السِّلعِ التي لا تَختَلِفُ وَقتًا ما مِنْ أوقاتِ السَّنةِ.
وقال أبو حَنيفةَ: يَلزمُه ما اشتَرطَ عليه، وإنْ تَصرَّف في غَيرِ ما اشتَرطَ عليه ضمِن.
فمالِكٌ والشافِعيُّ رأيا أنَّ هذا الاشتِراطَ مِنْ بابِ التَّضييقِ على المُقارِضِ، فيَعظُمُ الغَررُ بذلك، وأبو حَنيفةَ استَخفَّ الغَررَ المَوجودَ في
(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٣، ٣٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٢٨، ٤٢٩)، و «كفاية الأخيار» (٣٤١)، و «حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم» (٢/ ٤٤).