فأجاب: ليسَ له منعُ الناسِ من مثلِ ذلك، ولا مِنْ نَظائِرِه ممَّا يسوغُ فيه الاجتِهادُ، وليسَ معه بالمَنعِ نصٌّ من كِتابٍ ولا سُنةٍ ولا إِجماعٍ، ولا ما هو في مَعنى ذلك، لا سيَّما وأكثرُ العُلماءِ على جَوازِ مثلِ ذلك، وهو ممَّا عمِل به عامَّةُ المُسلمينَ في عامَّةِ الأمْصارِ. وهذا كما أنَّ الحاكمَ ليسَ له أن ينقُضَ حُكمَ غيرِه في مثلِ هذه المَسائلِ، ولا لِلعالِم والمُفتي أن يُلزِمَ النَّاسَ باتِّباعِه في مثلِ هذه المَسائلِ. ولهذا لمَّا استَشارَ الرَّشيدُ مالكًا أن يحمِلَ النَّاسَ على مُوطَّئِه في مثلِ هذه المَسائِل منَعه من ذلك، وقال: إن أَصحابَ رسولِ الله ﷺ تفرَّقوا في الأَمصارِ، وقد أخَذ كلُّ قومٍ من العِلمِ ما بلَغهُم. وصنَّف رَجلٌ كِتابًا في الاختِلافِ، فقال أحمدُ: لا تُسمِّه «كتاب الاختلاف» ولكن سمِّه «كتاب السنة». =