فالآخَرُ ضامِنٌ له، تَحقيقًا لِلمُساواةِ؛ لأنَّها مُنعقدةٌ على الكَفالةِ، فكأنَّه كفَل عنه ببَدلِ ذلك، فيُطالَبُ به، والمُرادُ بَدلُ الشَّيءِ الذي يَصحُّ الاشتِراكُ فيه، حتى إذا اشتَرى العِقالَ بَطلَت شَركتُه، والذي يَصحُّ فيه الاشتِراكُ البَيعُ والشِّراءُ والاستِئجارُ، والذي لا يَصحُّ الاشتِراكُ فيه: الجِنايةُ والنِّكاحُ والخُلعُ والصُّلحُ عن دَمِ العَمدِ، وعن النَّفقةِ، فعلى هذا إذا تَزوَّجَ أحَدُ الشَّريكَيْن فذلك لَازمٌ له خاصَّةً؛ لأنَّه لا يَصحُّ الشَّركةُ عليه، وليس لِلمرأةِ أنْ تأخُذَ شَريكَه بالمَهرِ؛ لأنَّه بَدلٌ عما لا يَصحُّ فيه الاشتِراكُ، وكذا لو جَنى أحَدُهما على آدَميٍّ فهو لَازمٌ له خاصَّةً؛ لأنَّ الجِنايةَ ليست مِنَ التِّجارةِ؛ وإنْ جَنى على دابَّةٍ أو ثَوبٍ لَزمَ شَريكَه؛ لأنَّه يَملِكُ المَجنيَّ عليه بالضَّمانِ، وذلك مما يَصحُّ فيه الاشتِراكُ.
ولو كفَل أحَدُهما بمالٍ عن أجنبيٍّ بأمْرِه، لَزمَ صاحبَه -شَريكَه- عندَ أبي حَنيفةَ ﵀، وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ: لا يَلزمُه، كالإقراضِ والكَفالةِ بالنَّفْسِ.
وعن أبي حَنيفةَ ﵀: يَلزمُ صاحبَه في الإقراضِ، ولو كانت الكَفالةُ بغَيرِ أمرِه لَم يَلزَمْ صاحبَه في الصَّحيحِ، وضَمانُ الغَصبِ والاستِهلاكِ بمَنزِلةِ الكَفالةِ بأمرِه عندَ أبي حَنيفةَ (١).
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦١)، و «الاختيار» (٣/ ١٤، ١٥)، و «العناية» (٨/ ٢٥٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٢١، ٤٢٣)، و «اللباب» (١/ ٥٢٤، ٥٢٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٠)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٤٧)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٣٢، ٦٣٣).